سبحانك اللهم وبحمدك أي: والحمد لك. وهذا تقرير لنفي الجنون عنه. وقالوا:
إن هذا جواب لقول المشركين: يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون (وإن لك) يا محمد (لأجرا) أي ثوابا من الله على قيامك بالنبوة، وتحملك أعباء الرسالة (غير ممنون) أي غير مقطوع، وهو ثواب الجنة. يعني: لا تبال بكلامهم مع ما لك عند الله من الثواب الدائم، والأجر العظيم. وقيل: غير ممنون أي لا يمن به عليك، عن أبي مسلم. والمعنى: غير مكدر بالمن الذي يقطع عن لزوم الشكر، فقد قيل. (المنة تكدر الصنيعة). وقال ابن عباس. ليس من نبي إلا وله مثل أجر من آمن به ودخل في دينه.
ثم وصف سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (وإنك) يا محمد (لعلى خلق عظيم) أي على دين عظيم، وهو دين الاسلام، عن ابن عباس ومجاهد والحسن. وقيل.
معناه إنك متخلق بأخلاق الاسلام، وعلى طبع كريم، وحقيقة الخلق ما يأخذ به الانسان نفسه من الآداب. وإنما سقي خلقا لأنه يصير كالخلقة فيه. فأما ما طبع عليه من الآداب، فإنه الخيم. فالخلق هو الطبع المكتسب. والخيم: هو الطبع الغريزي. وقيل: الخلق العظيم الصبر على الحق، وسعة البذل، وتدبير الأمور على مقتضى العقل بالصلاح، والرفق، والمداراة، وتحمل المكاره في الدعاء إلى الله سبحانه، والتجاوز، والعفو، وبذل الجهد في نصرة المؤمنين، وترك الحسد، والحرص، ونحو ذلك، عن الجبائي. وقالت عائشة. كان خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما تضمنه العشر الأول من سورة المؤمنين، ومن مدحه الله سبحانه بأنه على خلق عظيم، فليس وراء مدحه مدح. وقيل: سمي خلقه عظيما، لأنه عاشر الخلق بخلقه، وزايلهم بقلبه، فكان ظاهره مع الخلق، وباطنه مع الحق. وقيل: لأنه امتثل تأديب الله سبحانه إياه بقوله: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
وقيل: سمي خلقه عظيما لاجتماع مكارم الأخلاق فيه. ويعضده ما روي عنه قال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وقال. (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار). وعن أبي الدرداء قال: قال النبي: (ما من شئ أثقل في الميزان من خلق حسن). وعن الرضا علي بن موسى (ع)، عن آبائه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: