وص، وما أشبه ذلك. وقد ذكرنا ذلك مع غيره من الأقوال في مفتتح سورة البقرة.
وقيل: هو الحوت الذي عليه الأرضون، عن ابن عباس ومجاهد ومقاتل والسدي.
وقيل: هو حرف من حروف الرحمن في رواية أخرى، عن ابن عباس. وقيل: هو الدواة، عن الحسن، وقتادة، والضحاك. وقيل: نون لوح من نور، وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: هو نهر في الجنة. قال الله له: كن مدادا فجمد، وكان أبيض من اللبن، وأحلى من الشهد، ثم قال للقلم: اكتب فكتب القلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام. وقيل: المراد به الحوت في البحر، وهو من آيات الله إذ خلقها في الماء، فإذا فارق الماء مات، كما أن حيوان البر إذا خالط الماء مات (والقلم) الذي يكتب به أقسم الله به لمنافع الخلق فيه، إذ هو أحد لساني الانسان، يؤدي عنه ما في جنانه، ويبلغ البعيد عنه ما يبلغ القريب بلسانه، وبه تحفظ أحكام الدين، وبه تستقيم أمور العالمين. وقد قيل: إن البيان بيانان: بيان اللسان، وبيان البنان. وبيان اللسان تدرسه الأعوام، وبيان الأقلام باق على مر الأيام. وقيل: إن قوام أمور الدين والدنيا بشيئين: القلم والسيف، والسيف تحت القلم، وقد نظمه بعض الشعراء، وأحسن فيما قال:
إن يخدم القلم السيف الذي خضعت * له الرقاب، ودانت حذره الأمم فالموت، والموت شئ لا يغالبه، * ما زال يتبع ما يجري به القلم كذا قضى الله للأقلام مذ بريت، * أن السيوف لها مذ أرهفت خدم (1) (وما يسطرون) أي وما يكتبه الملائكة مما يوحى إليهم، وما يكتبونه من أعمال بني آدم. فكان القسم بالقلم، وما يسطر بالقلم. وقيل: إن (ما) مصدرية، وتقديره: والقلم وسطرهم، فيكون القسم بالكتابة. وعلى القول الأول يكون القسم بالمكتوب (ما أنت بنعمة ربك بمجنون) هو جواب القسم، ومعناه: لست يا محمد بمجنون بنعمة ربك، كما تقول: ما أنت بنعمة ربك بجاهل، وجاز تقديم معمولها بالباء، لأنها زائدة مؤكدة، وتقديره: انتفى عنك الجنون بنعمة ربك.
وقيل: هو كما يقال ما أنت بمجنون بحمد الله. وقيل: معناه بما أنعم عليك ربك من كمال العقل، والنبوة، والحكمة، لست بمجنون أي: لا يكون مجنونا من أنعمنا عليه بهذه النعم. وقيل: معناه ما أنت بمجنون، والنعمة لربك، كما يقال: