(أن يخسف) وقوله (كيف نذير) مبتدأ وخبر. والخبر مقدم، والجملة متعلقة بقوله (فستعلمون) والتقدير فستعلمون محذور إنذاري أم لا. وقوله (فكيف كان نكير) كيف هنا خبر كان. وقوله (ويقبضن) معطوف على صافات، وإنما عطف الفعل على الاسم. ومن الأصل المقرر أن الفعل لا يعطف إلا على الفعل، كما أن الاسم لا يعطف إلا على الاسم، لأنه وإن كان فعلا فهو في موضع الحال، فتقديره اسم فاعل. و (صافات). حال فجاز أن يعطف عليه، فكأنه قال صافات وقابضات، وقد جاء مثل هذا في الشعر، قال:
بات يعشيها بعضب باتر، * يعدل في أسوقها، وجائر (1) (أمن هذا الذي هو جند لكم): من هنا استفهام في موضع رفع بالابتداء دخل عليه أم المنقطعة. و (هذا) مبتدأ ثان. و (الذي) خبره، وقد وصل بالمبتدأ والخبر، وهو قوله (هو جند لكم) و (ينصركم): صفة لجند.
المعنى: لما تقدم الوعيد، عقبه سبحانه بالوعد فقال: (إن الذين يخشون ربهم بالغيب) أي يخافون عذاب ربهم باتقاء معاصيه، وفعل طاعاته على وجه الاستسرار بذلك لأن الخشية متى كانت بالغيب على ما ذكرنا، كانت بعيدة من الرياء خالصة لوجه الله، وخشية الله بالغيب تنفع بأن يستحق عليها الثواب، وخشيته في الظاهر بترك المعاصي، لا يستحق بها الثواب، فإذا الخشية بالغيب أفضل لا محالة.
وقيل: بالغيب معناه أنه يخشونه، ولم يروه فيؤمنون به خوفا من عذابه. وقيل.
يخافونه حيث لا يراهم مخلوق لأن أكثر ما ترتكب المعاصي إنما ترتكب في حال الخلوة فهم يتركون المعصية، لئلا يجعلوا الله سبحانه أهون الناظرين إليهم ولأن من تركها في هذه الحال تركها في حال العلانية أيضا.
(لهم مغفرة) لذنوبهم (وأجر كبير) أي عظيم في الآخرة لا فناء له. ثم قال