فسحقا لأصحاب السعير (11).
القراءة: قرأ أبو جعفر والكسائي: (فسحقا) بضمتين. والباقون بالتخفيف.
الحجة: سحق وسحق مثل عنق وعنق، وطنب وطنب، ونحو ذلك، وكلاهما حسن اللغة: الشهيق: صوت تقطيع النفس كالنزع، وإذا اشتد لهيب النار سمع منها ذلك الصوت كأنها تطلب الوقود. قال رؤبة:
حشرج في الجوف سحيلا، أو شهق، * حتى يقال ناهق، وما نهق (1) وقيل: إن الشهيق في الصدر، والزفير في الحلق. والفور: ارتفاع الشئ بالغليان. يقال: فارت القدر تفور، ومنه الفوارة لارتفاعها بالماء ارتفاع الغليان، ومنه فار الدم من الجرح، وفار الماء من الأرض. والسحق: البعد، يقال: أسحقهم الله إسحاقا وسحقا أي: ألزمهم الله سحقا عن الخير فجاء المصدر على غير لفظه، كما قال. (والله أنبتكم من الأرض نباتا)، وتقديره: فأسحقهم إسحاقا. وأما سحقته سحقا، فمعناه: باعدته بالتفريق عن حال اجتماعه حتى صار كالغبار.
المعنى: لما تقدم وعيد الشياطين الذين دعوا إلى الكفر والضلال، أتبعه سبحانه بذكر الكفار الضلال فقال: (وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير) أي بئس المآل والمرجع. وإنما وصف ببئس، وهو من صفات الذم والعقاب، حسن لما في ذلك من الضرر الذي يجب على كل عاقل أن يتقيه بغاية الجهد، ولا يجوز قياسا على ذلك أن يوصف به فاعل العقاب، لأنه لا يقال بئس الرجل إلا على وجه الذم، ووجه الحكمة في فعل العقاب ما فيه من الزجر المتقدم للمكلف، ولا يمكن أن يكون مزجورا إلا به، ولولاه لكان مغرى بالقبيح (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا) أي إذا طرح الكفار في النار، سمعوا للنار صوتا فظيعا مثل صوت القدر عند فورانها وغليانها، فيعظم بسماع ذلك عذابهم لما يرد على قلوبهم من هوله.