يوصف سبحانه بكونه قادرا على ما لا يصح أن يكون مقدورا في نفسه، مثل ما تقضى وقته مما لا يبقى. ثم وصف سبحانه نفسه فقال: (الذي خلق الموت والحياة) أي خلق الموت للتعبد بالصبر عليه، والحياة للتعبد بالشكر عليها. وقيل. خلق الموت للاعتبار، والحياة للتزود. وقيل: إنما قدم ذكر الموت على الحياة، لأنه إلى القهر أقرب، كما قدم البنات على البنين في قوله (يهب لمن يشاء إناثا) الآية. وقيل:
إنما قدمه لأنه أقدم، فإن الأشياء في الابتداء كانت في حكم الأموات، كالنطفة والتراب، ثم اعترضت الحياة.
(ليبلوكم أيكم أحسن عملا) أي ليعاملكم معاملة المختبر بالأمر والنهي، فيجازي كل عامل بقدر عمله. وقيل: ليبلوكم أيكم أكثر للموت ذكرا، وأحسن له استعدادا، وأحسن صبرا على موته، وموت غيره، وأيكم أكثر امتثالا للأوامر، واجتنابا عن النواهي في حال حياته. قال أبو قتادة: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله تعالى (أيكم أحسن عملا) ما عنى به؟ فقال يقول: (أيكم أحسن عقلا. ثم قال:
أتمكم عقلا وأشدكم لله خوفا وأحسنكم فيما أمر الله به، ونهى عنه نظرا، وإن كان أقلكم تطوعا). وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه تلا قوله تعالى: (تبارك الذي بيده الملك) إلى قوله (أيكم أحسن عملا) ثم قال: (أيكم أحسن عقلا، وأورع عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله،. وعن الحسن أيكم أزهد في الدنيا، وأترك لها (وهو العزيز) في انتقامه ممن عصاه (الغفور) لمن تاب إليه أو لمن أراد التفضل عليه بإسقاط عقابه. والتكليف إنما يصح بالترغيب والترهيب، لأن معناه تحمل المشقة في الأمر والنهي.
ثم عاد سبحانه إلى وصف نفسه فقال. (الذي خلق سبع سماوات) أي أنشأهن واخترعهن (طباقا) واحدة فوق الأخرى. وقيل: أراد بالمطابقة المشابهة أي: يشبه بعضها بعضا في الإتقان والإحكام، والاتساق والانتظام. (ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت) أي اختلاف وتناقض من طريق الحكمة، بل ترى أفعاله كلها سواء في الحكمة، وإن كانت متفاوتة في الصور والهيئات، يعني في خلق الأشياء على العموم. وفي هذا دلالة على أن الكفر والمعاصي، لا يكون من خلق الله تعالى لكثرة التفاوت في ذلك. وقيل. معناه ما ترى يا ابن آدم في خلق السماوات من عيب واعوجاج، بل هي مستقيمة مستوية كلها مع عظمها.