مقاتل والكلبي.
المعنى: (ألهاكم التكاثر) أي شغلكم عن طاعة الله، وعن ذكر الآخرة، التكاثر بالأموال والأولاد، والتفاخر بكثرتهما (حتى زرتم المقابر) أي حتى أدرككم الموت على تلك الحال، عن الحسن وقتادة. وقال الجبائي: حتى متم على ذلك، ولم تتوبوا. وقيل: ألهاكم التباهي بكثرة المال والعدد، عن تدبر أمر الله، حتى عددتم الأموات في القبور. وروى قتادة عن مطرف بن عبد الله الشخير، عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يقول (ألهاكم التكاثر) السورة. قال:
(يقول ابن آدم: مالي، مالي، وما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت) أورده مسلم في الصحيح.
ثم رد الله تعالى عليهم هذا فقال: (كلا) أي ليس الأمر الذي ينبغي أن تكونوا عليه التكاثر. ثم أوعدهم فقال: (سوف تعلمون) ثم أكد ذلك وكرره فقال: (ثم كلا سوف تعلمون) قال الحسن ومقاتل: هو وعيد بعد وعيد، والمعنى: سوف تعلمون عاقبة تباهيكم وتكاثركم، إذا نزل بكم الموت. وقيل: معناه سوف تعلمون في القبر، ثم سوف تعلمون في الحشر. رواه زر بن حبيش، عن علي عليه السلام قال:
ما زلنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت: (ألهاكم التكاثر) إلى قوله: (كلا سوف تعلمون) يريد في القبر. (ثم كلا سوف تعلمون) بعد البعث. وقيل إن المعنى:
كلا سوف تعلمون إذا رأيتم دار الأبرار، ثم كلا سوف تعلمون إذا رأيتم دار الفجار.
والعرب تؤكد بكلا وحقا.
(كلا لو تعلمون علم اليقين) هذا كلام آخر يقول: لو تعلمون الأمر علما يقينا، لشغلكم ما تعلمون عن التفاخر، والتباهي بالعز والكثرة. وعلم اليقين هو العلم الذي يثلج به الصدر بعد اضطراب الشك فيه، ولهذا لا يوصف الله بأنه متيقن.
ثم استأنف سبحانه وعيدا آخر فقال: (لترون الجحيم) على نية القسم، عن مقاتل. يعني حين تبرز الجحيم في القيامة، قبل دخولهم إليها (ثم لترونها) يعني بعد الدخول إليها (عين اليقين) كما يقال حق اليقين، ومحض اليقين، ومعناه: ثم لترونها بالمشاهدة إذا دخلتموها، وعذبتم بها.
(ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) قال مقاتل: يعني كفار مكة، كانوا في الدنيا في الخير والنعمة، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه، إذ لم يشكروا رب