أي: ذي نصب. والهاوية من أسماء جهنم، وهي المهواة التي لا يدرك قعرها.
الاعراب: (القارعة) مبتدأ. و (ما): مبتدأ ثان. وما بعده خبره. وكان حقه القارعة ما هي، لكنه سبحانه كرر تفخيما لشأنها، ومثله قوله: (لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد) والجملة خبر المبتدأ الأول. ويجوز أن يكون قوله (القارعة) مبتدأ ويكون (الناس) خبره، بمعنى أن القارعة تحدث في هذا اليوم، فيكون قوله:
(ما القارعة وما أدراك ما القارعة) اعتراضا. ويجوز أن يكون التقدير: هذا الأمر يقع يوم يكون الناس كالفراش المبثوث.
المعنى: (القارعة) اسم من أسماء يوم القيامة، لأنها تقرع القلوب بالفزع، وتقرع أعداء الله بالعذاب (ما القارعة) هذا تعظيم لشأنها، وتهويل لأمرها، ومعناه:
وأي شئ القارعة. ثم عجب نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (وما أدراك ما القارعة) يقول:
إنك يا محمد لا تعلم حقيقة أمرها، وكنه وصفها على التفصيل، وإنما تعلمها على سبيل الاجمال. ثم بين سبحانه أنها متى تكون فقال: (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) شبه الناس عند البعث بما يتهافت في النار. وقال قتادة: هذا هو الطائر الذي يتساقط في النار والسراج. وقال أبو عبيدة: هو طير ينفرش ليس بذباب، ولا بعوض، لأنهم إذا بعثوا ماج بعضهم إلى بعض. فالفراش إذا ثار، لم يتجه إلى جهة واحدة، فدل ذلك على أنهم يفزعون عند البعث، فيختلفون في المقاصد على جهات مختلفة. وهذا مثل قوله: (كأنهم جراد منتشر).
(وتكون الجبال كالعهن المنفوش) وهو الصوف المصبوغ المندوف، والمعنى أن الجبال تزول عن أماكنها، وتصير خفيفة السير. ثم ذكر سبحانه أحوال الناس، فقال: (فأما من ثقلت موازينه) أي رجحت حسناته، وكثرت خيراته (فهو في عيشة راضية) أي معيشة ذات رضى يرضاها صاحبها (وأما من خفت موازينه) أي خفت فيما سبق من الكتاب. وقد ذكر سبحانه الحسنات في الموضعين، ولم يذكر وزن السيئات، لأن الوزن عبارة عن القدر والخطر، والسيئة لا خطر لها، ولا قدر، وإنما الخطر والقدر للحسنات. فكأن المعنى: فأما من عظم قدره عند الله لكثرة حسناته، ومن خف قدره عند الله لخفة حسناته (فأمه هاوية) أي فمأواه جهنم، ومسكنه النار.
وإنما سماها أمه، لأنه يأوي إليها، كما يأوي الولد إلى أمه، ولأن الأصل السكون