المعنى: (والعاديات ضبحا) قيل: هي الخيل في الغزو تعدو في سبيل الله، عن ابن عباس وعطاء وعكرمة والحسن ومجاهد وقتادة والربيع، قالوا: أقسم الله بالخيل العادية لغزو الكفار، وهي تضبح ضبحا. وضبحها: صوت أجوافها إذا عدت، ليس بصهيل، ولا حمحمة، ولكنه صوت نفس. وقيل: هي الإبل حين ذهبت إلى غزوة بدر، تمد أعناقها في السير، فهي تضبح أي تضبع. روي ذلك عن علي عليه السلام، وابن مسعود والسدي. وروي أيضا أنها إبل الحاج تعدو من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى. قالت صفية بنت عبد المطلب:
ألا والعاديات غداة جمع * بأيديها إذا سطع الغبار واختلفت الروايات فيه فروي عن أبي صالح أنه قال: قاولت فيه عكرمة، فقال عكرمة: قال ابن عباس هي الخيل في القتال. فقلت أنا: قال علي عليه السلام: هي الإبل في الحج، وقلت: مولاي أعلم من مولاك. وفي رواية أخرى أن ابن عباس قال: هي الخيل، ألا تراه يقول: (فأثرن به نقعا) فهل تثيره إلا بحوافرها، وهل تضبح الإبل؟ إنما تضبح الخيل. قال علي عليه السلام: ليس كما قلت. لقد رأيتنا يوم بدر، وما معنا إلا فرس أبلق للمقداد بن الأسود. وفي رواية أخرى لمرثد بن أبي مرثد الغنوي وروي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال: بينما أنا في الحجرة جالس، إذ أتاني رجل، فسأل عن العاديات ضبحا، فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله، ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم. فانفتل عني، وذهب إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو تحت سقاية زمزم. فسأله عن العاديات ضبحا فقال: سألت عنها أحدا قبلي؟ قال: نعم. سألت عنها ابن عباس. فقال:
الخيل حين تغير في سبيل الله. قال: فاذهب فادعه لي. فلما وقف على رأسه قال:
تفتي الناس بما لا علم لك به، والله إن كانت لأول غزوة في الاسلام بدر، وما كانت معنا إلا فرسان: فرس للزبير، وفرس للمقداد بن الأسود، فكيف تكون العاديات الخيل؟ بل العاديات ضبحا الإبل من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى. قال ابن عباس: فرغبت عن قولي، ورجعت إلى الذي قال علي عليه السلام.
(فالموريات قدحا) هي الخيل توري النار بحوافرها إذا صارت في الحجارة، والأرض المحصبة، عن عكرمة والضحاك. وقال مقاتل: يقدحن بحوافرهن النار في الحجارة. قال ابن عباس: يريد ضرب الخيل بحوافرها الجبل، فأورت منه النار مثل