على بطلان مذهب أهل الجبر، لأن فيها تصريحا بأنه سبحانه إنما خلق الخلق ليعبدوه. واستدل بهذه الآية أيضا على وجوب النية في الطهارة، إذ أمر سبحانه بالعبادة على وجه الإخلاص، ولا يمكن الإخلاص إلا بالنية والقربة. والطهارة عبادة فلا تجزي بغير نية.
ثم ذكر سبحانه حال الفريقين فقال: (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين) يعني من جحد توحيد الله، وأنكر نبوة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن أشرك معه إلها آخر في العبادة (في نار جهنم خالدين فيها) لا يفنى عقابهم (أولئك هم شر البرية) أي شر الخليقة. ثم أخبر عن حال المؤمنين فقال: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) أي خير الخليقة (جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار) مر معناه (خالدين فيها أبدا) أي مؤبدين فيها دائما (رضي الله عنهم) بما قدموه من الطاعات (ورضوا عنه) بما جازاهم من الثواب. وقيل:
رضي الله عنهم إذ وحدوه ونزهوه عما لا يليق به، وأطاعوه ورضوا عنه إذ فعل بهم ما رجوا من رحمته وفضله (ذلك) الرضا والثواب (لمن خشي ربه) فترك معاصيه، وفعل طاعاته.
وفي كتاب شواهد التنزيل للحاكم أبي القاسم الحسكاني (ره) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بالإسناد المرفوع إلى يزيد بن شراحيل الأنصاري، كاتب علي عليه السلام قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا مسنده إلى صدري، فقال: (يا علي! ألم تسمع قول الله تعالى (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) هم شيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا اجتمعت الأمم للحساب، يدعون غرا محجلين) وفيه: عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله (هم خير البرية) قال: نزلت في علي عليه السلام، وأهل بيته.