عباس. وهذا تلطف في الاستدعاء، ومعناه: هل لك رغبة إلى أن تسلم وتصلح وتطهر.
(وأهديك إلى ربك) أي وأدلك إلى معرفة ربك، وأنه خلقك ورباك. وقيل:
وأهديك أي أرشدك إلى طريق الحق الذي إذا سلكته، وصلت إلى رضاء الله وثوابه (فتخشى) أي فتخافه فتفارق ما نهاك عنه. وفي الكلام حذف تقديره فأتاه، ودعاه (فأراه الآية الكبرى) يعني العصا. وقال الحسن: هي اليد البيضاء (فكذب) بأنها من الله (وعصى) نبي الله، وجحد نبوته (ثم أدبر) فرعون أي ولى الدبر ليطلب ما يكسر به حجة موسى في المعجزة العظيمة، فما ازداد إلا غواية (يسعى) أي يعمل بالفساد في الأرض. وقيل: إنه لما رأى الحية في عظمها، خاف منها، فأدبر وسعى هربا، عن الجبائي. (فحشر) أي فجمع قومه، وجنوده (فنادى) فيهم (فقال أنا ربكم الأعلى) أي لا رب فوقي. وقيل. معناه أنا الذي أنال بالضرر من شئت، ولا ينالني غيري، وكذب اللعين إنما هذه صفة لم الله الذي خلقه، وخلق جميع الخلائق.
وقيل: إنه جعل الأصنام أربابا فقال: أنا ربها وربكم.
(فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) نكال: مصدر مؤكد لأن معنى أخذه الله:
نكل به نكال الآخرة والأولى بأن أغرقه في الدنيا، ويعذبه في الآخرة. وقيل: معناه فعاقبه الله بكلمته الآخرة، وكلمته الأولى. فالآخرة قوله:، (أنا ربكم الأعلى).
والأولى قوله: (ما علمت لكم من إله غيري) فنكل به نكال هاتين الكلمتين. وجاء في التفسير، عن أبي جعفر (ع) أنه كان بين الكلمتين أربعون سنة. وقيل إنه إنما ناداهم فقال (أنا ربكم الأعلى) فامنعوني من هذا الثعبان، ولم يعلم الجهال أن من يخاف ضرر حية، ويستعين بأمثاله، لا يكون إلها. وعن وهب، عن ابن عباس قال: قال موسى (ع): يا رب! إنك أمهلت فرعون أربعمائة سنة، وهو يقول: أنا ربكم الأعلى، ويجحد رسلك، ويكذب بآياتك، فأوحى الله تعالى إليه: إنه كان حسن الخلق، سهل الحجاب، فأحببت أن أكافيه. وروى أبو بصير، عن أبي جعفر (ع) قال: قال رسول الله (ص): قال جبرائيل (ع): قلت يا رب تدع فرعون، وقد قال: أنا ربكم الأعلى؟ فقال: إنما يقول هذا مثلك من يخاف الفوت. (إن في ذلك) الذي فعل بفرعون حين كذب وعصى (لعبرة) أي لعظة (لمن يخشى) الله تعالى ويخاف عقابه ونقمته، ودلالة يمكن أن يعتبر بها العاقل،