خاف مقام مسألة ربه عما يجب عليه فعله أو تركه (ونهى النفس عن الهوى) أي عن المحارم التي تشتهيها وتهواها. وقيل: إن الرجل يهم بالمعصية، فيذكر مقامه للحساب فيتركها، عن مقاتل (فإن الجنة هي المأوى) له أي هي مقره ومأواه.
ثم خاطب سبحانه نبيه (ص) فقال: (يسألونك عن الساعة أيان مرساها) أي متى يكون قيامها، ثابتة على ما وصفتها. (فيم أنت من ذكراها) أي لست في شئ من علمها وذكراها. والمعنى: لا تعلمها. قال الحسن: أي ليس عندك علم بوقتها، وإنما تعلم أنها تكون لا محالة. وقيل: معناه ليس هذا مما يتصل بما بعثت لأجله، فإنما بعثت داعيا. وقيل: إنها من حكاية قولهم. والمعنى: إنك قد أكثرت من ذكراها، فمتى يكون (إلى ربك منتهاها) أي قل لهم إلى الله إجراؤها.
والمنتهى: موضع بلوغ الشئ. فكأنه قيل: إلى أمر ربك ومنتهى أمرها بإقامتها، لأن منتهى أمرها بذكرها ووصفها، والإقرار بها إلى الرسول، ومنتهى أمرها بإقامتها إلى الله، لا يقدر عليها إلا هو سبحانه. وقيل: معناه إلى ربك منتهى علمها أي: لا يعلم وقتها إلا هو، عن الحسن.
(إنما أنت منذر من يخشاها) أي إنما أنت مخوف من يخاف قيامها أي إنما ينفع إنذارك من يخافها. فأما من لا يخشاها فكأنك لم تنذره (كأنهم يوم يرونها) أي يعاينون القيامة (لم يلبثوا) في الدنيا (إلا عشية أو ضحاها) أي إلا قدر آخر نهار وأوله، ومثله (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار) وقد مر بيانه.
وقيل. إن معناه أنهم إذا رأوا الآخرة، صغرت الدنيا في أعينهم، حتى كأنهم لم يقيموا بها إلا مقدار عشية، أو مقدار ضحى تلك العشية، عن قتادة.