ورابعها: إنها الخيل يسبق بعضها بعضا في الحرب، عن عطاء وأبي مسلم.
(فالمدبرات أمرا) فيها أقوال أيضا أحدها: إنها الملائكة تدبر أمر العباد من السنة إلى السنة، عن علي (ع). وثانيها: إن المراد بذلك جبرائيل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل (ع)، يدبرون أمور الدنيا. فأما جبريل فموكل بالرياح والجنود، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والنبات، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأنفس، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم، عن عبد الرحمن بن سابط. وثالثها: إنها الأفلاك يقع فيها أمر الله تعالى، فيجري بها القضاء في الدنيا، رواه علي بن إبراهيم. أقسم الله تعالى بهذه الأشياء التي عددها. وقيل: تقديره: ورب النازعات، وما ذكر بعدها، وهذا ترك للظاهر بغير دليل. وقد قال الباقر والصادق (ع): إن لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، وليس لخلقه أن يقسموا إلا به. والوجه في ذلك أنه سبحانه يقسم بخلقه للتنبيه على موضع العبرة فيه، لأن القسم يدل على عظم شأن المقسم به، وجواب القسم محذوف، فكأنه سبحانه أقسم فقال: وهذه الأشياء لتبعثن، ولتحاسبن.
(يوم ترجف الراجفة) يعني النفخة الأولى التي يموت فيها جميع الخلائق، والراجفة: صيحة عظيمة فيها تردد واضطراب كالرعد إذا تمخض (تتبعها الرادفة) يعني النفخة الثانية تعقب النفخة الأولى، وهي التي يبعث معها الخلق، وهو كقوله:
(ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون). و (يوم) منصوب على معنى (قلوب يومئذ واجفة) يوم ترجف الراجفة، ومعنى الواجفة: الشديدة الاضطراب أيضا. وهذا معنى قول الحسن وقتادة وغيرهما. وقيل: معناه يوم تضطرب الأرض اضطرابا شديدا، وتتحرك تحركا عظيما، يعني يوم القيامة تتبعها الرادفة أي اضطرابة أخرى كائنة بعد الأولى في موضع الردف من الراكب، فلا تزال تضطرب حتى تفنى كلها.
وقال ابن عباس: معنى الواجفة خائفة، والمراد بذلك أصحاب القلوب، يعني أنها قلقة غير هادئة، ولا ساكنة، لما عاينت من أهوال يوم القيامة.
(أبصارها خاشعة) أي ذليلة من هول ذلك اليوم. قال عطاء: يريد أبصار من مات على غير الاسلام. (يقولون أإنا لمردودون في الحافرة) أي يقول هؤلاء المنكرون للبعث من مشركي قريش وغيرهم في الدنيا، إذا قيل لهم: إنكم مبعوثون