خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا (28) إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا (29) وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما (30) يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (31).
القراءة: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: (وما يشاؤون) بالياء. والباقون بالتاء. وفي الشواذ قراءة عبد الله بن الزبير، وأبان بن عثمان: (والظالمون) بالواو.
الحجة: وجه الياء قوله تعالى (فمن شاء اتخذ). ووجه التاء أنه خطاب للكافة أي: وما تشاؤون الطاعة، والاستقامة، إلا أن يشاء الله، أو يكون محمولا على الخطاب. وأما قوله: (والظالمون) فإنه على ارتجال جملة مستأنفة. قال ابن جني: كأنه قال الظالمون أعد لهم عذابا أليما، ثم إنه عطف الجملة على ما قبلها، وقد سبق الرفع إلى مبتدئها غير أن قراءة الجماعة أسبق، وهو النصب، لأن معناه:
ويعذب الظالمين. فلما أضمر هذا الفعل، فسره بقوله (أعد لهم عذابا أليما) وهذا أكثر من أن يؤتى له بشاهد. قال الزجاج: يقول النحويون أعطيت زيدا، وعمرا أعددت له برا، فيختارون النصب على معنى وبررت عمرا، أعددت له برا، وأنشد غيره:
أصبحت لا أحمل السلاح، ولا * أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به * وحدي، وأخشى الرياح، والمطرا اللغة: الأسر: أصله الشد، ومنه قتب مأسور أي مشدود. ومنه الأسير لأنهم كانوا يشدونه بالقد. قولهم خذ بأسره أي. بشدة قبل أن يحل. ثم كثر حتى صار بمعنى. خذ جميعه. قال الأخطل:
من كل مجتنب شديد أسره * سلس القياد تخاله مختالا (1) الاعراب: قال الزجاج في قوله (ولا تطع منهم آثما أو كفورا) أو هنا أوكد من الواو. لأنك إذا قلت: لا تطع زيدا وعمرا، فأطاع أحدهما، كان غير عاص، لأنك