سندس باسم الفاعل الجاري صفة على الموصوف. وأقول وبالله التوفيق: إني لأرى أن نظر هذا الفاضل قد اختل، كما أن بصره قد اعتل، فرمى أبا علي بدائه وانسل.
ألم ينظر في خاتمة هذه الآية إلى قوله سبحانه: (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) ثم قوله عقيب ذلك (إن هذا كان لكم جزاء) فيعرف أن الضمير في (عاليهم) هو بعينه في (وسقاهم)، وهو ضمير المخاطبين في لكم. وهذا الضمير لا يمكن أن يعود إلا إلى الأبرار المثابين المجازين دون الولدان المخلدين الذين هم من جملة ثوابهم وجزائهم. اللهم لك الحمد على تأييدك وتسديدك.
رجعنا إلى كلام أبي علي قال: ويجوز على قياس قول أبي الحسن في قائم أخواك وإعمال اسم الفاعل عمل الفعل، وإن لم يعتمد على شئ أن يكون ثياب سندس مرتفعة بعاليهم، وأفردت عاليا، لأنه فعل متقدم. قال أبو علي: والأوجه قراءة من قال خضر بالرفع، وإستبرق بالجر. لأن خضرا صفة مجموعة لموصوف مجموع وهو ثياب، وأما إستبرق فجر من حيث كان جنسا، أضيفت إليه الثياب، كما أضيفت إلى سندس، كما يقال ثياب خز وكتان. ويدل على ذلك قوله (ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق) ومن قرأ خضر وإستبرق فإنه أجرى الخضر وهو جمع على السندس، لما كان المعنى أن الثياب من هذا الجنس. وأجاز أبو الحسن وصف هذه الأجناس بالجمع فقال: تقول أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض، على استقباح له. ومن رفع إستبرق فإنما أراد عطف الإستبرق على الثياب كأنه ثياب سندس، وثياب إستبرق، فحذف المضاف الذي هو ثياب، وأقام إستبرق مقامه، كما أنك إذا قلت عليه خز بمعنى عليه ثوب خز. وليس المعنى أن عليه الدابة التي هي الخز، وعلى هذا قوله:
كأن خزا تحته، وقزا، * وفرشا محشوة أوزا اللغة: الوقاية: الحفظ والمنع من الأذى. وقاه يقيه وقاية، ووقاه توقية قال رؤبة: (إن الموقي مثل ما وقيت) ومنه اتقاه وتوقاه. وأصل الشر: الظهور، فهو ظهور الضرر، ومنه شررت الثوب إذا ظهرته للشمس، أو الريح. قال: (وحتى أشرت بالأكف المصاحف) (1) أي أظهرت. ومنه شرر النار: لظهوره بتطايره. والنضرة: