الخلق، وتعليم الفرائض والسنن، وإصلاح المعيشة لنفسك وعيالك، وفي الليل يفرغ القلب للتذكر والقراءة، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك، لتأخذ بحظك من خير الدنيا والآخرة. وفي هذا دلالة على أنه لا عذر لأحد في ترك صلاة الليل، لأجل التعليم والتعلم، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحتاج إلى التعليم أكثر مما يحتاج الواحد منا إليه.
ثم لم يرض سبحانه أن يترك حظه من قيام الليل (واذكر اسم ربك) يعني أسماء الله تعالى التي تعبد بالدعاء بها. وقيل: اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في ابتداء صلاتك، توصلك بركة قراءتها إلى ربك، وتقطعك من كل ما سواه. وقيل:
واقصد بعملك وجه ربك (وتبتل إليه تبتيلا) أي أخلص له إخلاصا، عن ابن عباس، وغيره يعني في الدعاء والعبادة. وقيل: انقطع إليه انقطاعا، عن عطاء، وهو الأصل. وقيل: توكل عليه توكلا، عن شقيق. وقيل: تفرغ لعبادته، عن ابن زيد. وقد جاء في الحديث النهي عن التبتل، والمراد به الانقطاع عن الناس والجماعات. وكان يجب أن يقول تبتلا لأن المراد بتلك الله من المخلوقين، واصطفاك لنفسه تبتيلا، فتبتل أنت أيضا إليه. وقيل: إنما قال تبتيلا ليطابق أواخر آيات السورة. وروى محمد بن مسلم وزرارة وحمران عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليه السلام أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلاة. وفي رواية أبي بصير قال: هو رفع يدك إلى الله، وتضرعك إليه.
(رب المشرق والمغرب) أي رب العالم بما فيه، لأنه بين المشرق والمغرب. وقيل: رب مشرق الشمس ومغربها. والمراد أول النهار وآخره. فأضاف النصف الأول من النهار إلى المشرق، والنصف الآخر منه إلى المغرب وقيل: مالك المشرق والمغرب أي المتصرف فيما بينهما، والمدبر لما بينهما (لا إله إلا هو) أي لا أحد تحق له العبادة سواه (فاتخذه وكيلا) أي حفيظا للقيام بأمرك. وقيل: معناه فاتخذه كافيا لما وعدك به، واعتمد عليه، وفوض أمرك إليه، تجده خير حفيظ وكاف.
(واصبر على ما يقولون) لك يعني الكفار من التكذيب والأذى، والنسبة إلى السحر والكهانة. (واهجرهم هجرا جميلا) والهجر الجميل إظهار الموجدة عليهم من غير ترك الدعاء إلى الحق على وجه المناصحة. قال الزجاج: هذا يدل على أنه