وقيل: معناه لا يفوته علم ما تفعلون، عن عطاء. والمراد: إنه يعلم مقادير الليل والنهار، فيعلم القدر الذي تقومونه من الليل. (علم أن لن تحصوه) قال مقاتل:
كان الرجل يصلي الليل كله، مخافة أن لا يصيب ما أمر به من القيام، فقال سبحانه: علم أن لن تحصوه أي: لن تطيقوا معرفة ذلك. وقال الحسن: قاموا حتى انتفخت أقدامهم، فقال سبحانه: إنكم لا تطيقون إحصائه على الحقيقة. وقيل:
معناه لن تطيقوا المداومة على قيام الليل، ويقع منكم التقصير فيه.
(فتاب عليكم) بأن جعله تطوعا، ولم يجعله فرضا، عن الجبائي. وقيل:
معناه فلم يلزمكم إثما، كما لا يلزم التائب أي رفع التبعة فيه، كرفع التبعة عن التائب. وقيل: فتاب عليكم أي فخفف عليكم. (فاقرأوا ما تيسر من القرآن) الآن يعني في صلاة الليل، عن أكثر المفسرين، وأجمعوا أيضا على أن المراد بالقيام المتقدم في قوله (قم الليل) هو القيام إلى الصلاة، إلا أبا مسلم فإنه قال: أراد القيام لقراءة القرآن، لا غير. وقيل: معناه فصلوا ما تيسر من الصلاة، وعبر عن الصلاة بالقرآن، لأنها تتضمنه. ومن قال: إن المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة، فهو محمول على الاستحباب عند الأكثرين دون الوجوب، لأنه لو وجبت القراءة، لوجب الحفظ. وقال بعضهم: هو محمول على الوجوب، لأن القارئ يقف على إعجاز القرآن، وما فيه من دلائل التوحيد، وإرسال الرسل، ولا يلزم حفظ القرآن لأنه من القرب المستحبة المرغب فيها. ثم اختلفوا في القدر الذي تضمنه هذا الأمر من القراءة، فقال سعيد بن جبير: خمسون آية. وقال ابن عباس: مائة آية، وعن الحسن قال: من قرأ مائة آية في ليلة، لم يحاجه القرآن. وقال كعب: من قرأ مائة آية في ليلة، كتب من القانتين. وقال السدي: مائتا آية. وقال جويبر: ثلث القرآن لأن الله يسره على عباده، والظاهر أن معنى ما تيسر مقدار ما أردتم وأحببتم.
(علم أن سيكون منكم مرضى) وذلك يقتضي التخفيف عنكم (وآخرون) أي ومنكم قوم آخرون (يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) أي يسافرون للتجارة، وطلب الأرباح، عن ابن عباس (وآخرون) أي ومنكم قوم آخرون (يقاتلون في سبيل الله) فكل ذلك يقتضي التخفيف عنكم (فاقرأوا ما تيسر منه) وروي عن الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن جده عليه السلام قال: ما تيسر منه لكم فيه خشوع القلب، وصفاء السر (وأقيموا الصلاة) بحدودها التي أوجبها الله عليكم (وآتوا