الجندل، ثم توارثها بنوه الأكابر فالأكابر حتى صارت إلى كلب، فجاء الاسلام وهو عندهم، وأخذ بطنان من طي يغوث، فذهبوا به إلى مراد فعبدوه زمانا. ثم إن بني ناجية أرادوا أن ينزعوه منهم، ففروا به إلى بني الحرث بن كعب. وأما يعوق فكان لكهلان، ثم توارثه بنوه الأكبر فالأكبر حتى صار إلى همدان. وأما نسر فكان لخثعم يعبدونه. وأما سواع فكان لآل ذي الكلاع يعبدونه، عن ابن عباس. وقيل: إن أوثان قوم نوح صارت إلى العرب فكانت ود بدومة الجندل، وسواع برهاط لهذيل. وكان يغوث لبني غطيف من مراد، وكان يعوق لهمدان، وكان نسر لآل ذي الكلاع من حمير، وكان اللات لثقيف. وأما العزى فلسليم وغطفان وجشم ونضر وسعد بن بكر.
وأما مناة فكانت لقديد. وأما إساف، ونائلة، وهبل فلأهل مكة. وكان إساف حيال الحجر الأسود. وكانت نائلة حيال الركن اليماني. وكان هبل في جوف الكعبة ثمانية عشر ذراعا، عن عطا وقتادة والثمالي. وقال الواقدي: كان ود على صورة رجل، وسواع على صورة امرأة، ويغوث على صورة أسد، ويعوق على صورة فرس، ونسر على صورة نسر من الطير.
(وقد أضلوا كثيرا) أي ضل بعبادتها وبسببها كثير من الناس نظيره (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس). وقيل: معناه وقد أضل كبراؤهم كثيرا من الناس، عن مقاتل، وأبي مسلم. وعلى هذا فإن الضمير في أضلوا يعود إلى أكابر قوم نوح.
(ولا تزد الظالمين إلا ضلالا) أي هلاكا كما في قوله (إن المجرمين في ضلال وسعر) وقيل: إلا فتنة بالمال والولد. وقيل: إلا ذهابا عن الجنة والثواب. قال البلخي: لا تزدهم إلا منعا من الطاعات، عقوبة لهم على كفرهم، فإنهم إذا ضلوا استحقوا منع الألطاف التي تفعل بالمؤمنين فيطيعون عندها، ويمتثلون. ولا يجوز أن يفعل بهم الضلال عن الحق والإيمان، لأن ذلك لا يجوز في صفة الحكيم تعالى الله عن ذلك.
(مما خطيئاتهم أغرقوا) أي من خطيئاتهم. وما مزيدة والتقدير من أجل ما ارتكبوه من الخطايا والكبائر (أغرقوا) على وجه العقوبة (فأدخلوا نارا) بعد ذلك ليعاقبوا فيها (فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا) أي: لم يجدوا أحدا يمنعهم من عذاب الله. وإنما أتى سبحانه بألفاظ المضي على معنى الاستقبال لصدق الوعد به.
وقال الضحاك: أغرقوا فأدخلوا نارا في الدنيا في حالة واحدة، كانوا يغرقون من