الاعراب: (طباقا): منصوبا على أحد وجهين: أن يكون على تقدير خلقهن طباقا، وأن يكون نعتا لسبع أي: سبع سماوات ذات طباق. (نباتا): مصدر فعل محذوف تقديره أنبتكم فنبتم نباتا. وقال الزجاج. هو محمول على المعنى، لأن معنى أنبتكم جعلكم تنبتون نباتا. وما من قوله (مما خطيئاتهم) مزيدة لتأكيد ا لكلام.
المعنى: ثم خاطب سبحانه المكلفين منبها لهم على توحيده، فقال: (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا) أي واحدة فوق الأخرى كالقباب (وجعل القمر فيهن نورا) قيل فيه وجوه أحدها: إن المعنى وجعل القمر نورا في السماوات والأرض، عن ابن عباس قال: يضئ ظهره لما يليه من السماوات، ويضئ وجهه لأهل الأرض، وكذلك الشمس، وثانيها: إن معنى فيهن معهن. يعني: وجعل القمر معهن أي مع خلق السماوات نورا، لأهل الأرض وثالثها: إن معنى فيهن في حيزهن، وإن كان في واحدة منها، كما تقول إن في هذه الدور لبئرا، وإن كانت في واحدة منها، لأن ما كان في إحداهن كان فيهن، وكما تقول: أتيت بني تميم، وإنما أتيت بعضهم.
(وجعل الشمس سراجا) أي مصباحا يضئ لأهل الأرض لما كانت الشمس، جعل فيها النور للاستضاءة به كانت سراجا، فهي سراج العالم كما أن المصباح سراج الانسان (والله أنبتكم من الأرض نباتا) يعني مبتدأ خلق آدم، وآدم خلق من الأرض والناس ولده وهذا كقوله: (وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) وقيل: معناه أنه أنشأ جميع الخلق باغتذاء ما تنبته الأرض، ونما فيها. وقيل: معناه أنبتكم من الأرض بالكبر بعد الصغر، وبالطول بعد القصر. (ثم يعيدكم فيها) أي في الأرض أمواتا (ويخرجكم) منها عند البعث أحياء (إخراجا) وإنما ذكر المصدر تأكيدا (والله جعل لكم الأرض بساطا) أي مبسوطة ليمكنكم المشي عليها، والاستقرار فيها. ثم بين أنه إنما جعلها كذلك (لتسلكوا منها سبلا فجاجا) أي طرقا واسعة. وقيل: طرقا مختلفة، عن ابن عباس. وقيل: سبلا في الصحارى، وفجاجا في الجبال. وإنما عدد سبحانه هذه الضروب من النعم، امتنانا على خلقه، وتنبيها لهم على استحقاقه للعبادة، خالصة من كل شرك، ودلالة لهم على أنه عالم بمصالحهم، ومدبر لهم على ما تقتضيه الحكمة، فيجب أن لا يقابلوا هذه النعم الجليلة بالكفر والجحود.