الله): مفعول له، والتقدير: فعل الله ذلك لكم فضلا منه ونعمة. ويجوز أن يكون العامل فيه الراشدون، وما فيه من الفعل أي رشدا وفضلا من الله. وقوله بجهالة وبالعدل: كلاهما في موضع نصب على الحال، والعامل في الأول (فتصيبوا)، وفي الثاني (فأصلحوا).
النزول: قوله (إن جاءكم فاسق) نزل في الوليد بن عقبة بن معيط بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدقات بني المصطلق، فخرجوا يتلقونه فرحا به، وكانت بينهم عداوة في الجاهلية، فظن أنهم هموا بقتله، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: إنهم منعوا صدقاتهم، وكان الامر بخلافه. فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم أن يغزوهم، فنزلت الآية، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة. وقيل: إنها نزلت فيمن قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن مارية أم إبراهيم يأتيها ابن عم لها قبطي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام وقال: يا أخي! خذ هذا السيف فإن وجدته عندها فاقتله. فقال: يا رسول الله! أكون في أمرك إذا أرسلتني كالسكة المحماة أمضي لما أمرتني، أم الشاهد يرى مالا يرى الغائب؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: بل الشاهد يرى مالا يرى الغائب. قال علي عليه السلام: فأقبلت متوشحا بالسيف، فوجدته عندها، فاخترطت السيف. فلما عرف أني أريده أتى نخلة فرقى إليها، ثم رمى بنفسه على قفاه، وشغر برجليه. فإذا أنه أجب أمسح، ما له مما للرجال قليل، ولا كثير. فرجعت فأخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: الحمد لله الذي يصرف عنا السوء أهل البيت.
وقوله: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) نزل في الأوس والخزرج، وقع بينهما قتال بالسعف والنعال، عن سعيد بن جبير. وقيل: نزل في رهط عبد الله بن أبي سلول من الخزرج، ورهط عبد الله بن رواحة من الأوس، وسببه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقف على عبد الله بن أبي، فراث حمار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمسك عبد الله أنفه وقال: إليك عني! فقال عبد الله بن رواحة: لحمار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطيب ريحا منك، ومن أبيك! فغضب قومه وأعان ابن رواحة قومه، وكان بينهما ضرب بالحديد والأيدي والنعال.
المعنى: ثم خاطب سبحانه المؤمنين فقال: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ) أي: بخبر عظيم الشأن. والفاسق: الخارج عن طاعة الله إلى معصيته