إن الله تعالى ليس بجسم ولا قالوا لا يعتقدون من الأحاديث الموهمة للجسمية ظواهرها، ثم استدل بقوله صلى الله عليه وسلم في صفة الفرقة الناجية ومن كان عليه " مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي " قال المدعي فهلا قال من تمسك بظاهر القرآن في آيات الاعتقاد فهو ضال وإنما أدى رجوعكم إلى مقاييس عقولكم فليعلم الناظر أنه هاهنا باهت وتزخرف وتشيع بما لم يعظه فإنه قد ثبت أن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم الكف عن ذلك فما نحن الآمرون به وأنه هو ليس بساكت بل طريقة الكلام وأمر الدهماء بوصف الله تعالى بجهة العلو وتجويز الإشارة الحسية إليه فليت شعري من الموافق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولكن صدق القائل رمتني بدائها وانسلت ثم المجسم يقول له حذو النعل بالنعل ما قاله لنا ونقول له: لم لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناجية من قال إن الله في جهة العلو وإن الإشارة الحسية إليه جائزة؟ فإن قال:
هذه طريقة السلف وطريقة الصحابة، قلنا: من أين لك هذا ثم لا تأمن من كل مبتدع أن يدعي ذلك، ثم أفاد المدعي وأسند أن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين قال: فإن أول من حفظ عنه هذه المقالة الجعد بن درهم وأخذها عنه جهم بن صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه والجعد أخذها عن أبان بن سمعان وأخذها أبان من طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم وأخذها طالوت من لبيد اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم قال وكان الجعد هذا فيما يقال من أهل حران، فيقال له: أيها المدعي إن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود قد خالفت الضرورة في ذلك فإنه ما يخفى على جميع الخواص وكثير من العوام أن اليهود مجسمة مشبهات فكيف يكون ضد التجسيم والتشبيه مأخوذا عنهم. وأما المشركون فكانوا عباد أوثان وقد بينت الأئمة أن عبدة الأصنام تلامذة المشبهة وأن أصل عبادة الصنم التشبيه فكيف يكون نفيه مأخوذا عنهم، وأما الصابئة فبلدهم معروف وإقليمهم مشهور وهل نحن