لا تطلبون معرفة الله تعالى وما يستحق من الصفات نفيا ولا إثباتا لا من الكتاب ولا من السنة ولا من طريق سلف الأمة، ولكن أنظروا أنتم فما وجدتموه مستحقا له من الصفات فصفوه به سواء كان موجودا في الكتاب والسنة أو لم يكن وما لم تجدوه مستحقا له في عقولكم فلا تصفوه بها.
ثم قال: هما فريقان أكثرهم يقول ما لم تثبته عقولكم فأبقوه ومنهم من يقول بل توقفوا فيه وما نفاه قياس عقولكم الذي أنتم فيه مختلفون ومضطربون اختلافا أكثر من جميع اختلاف على وجه الأرض فانفوه وإليه عند الشارع فارجعوا فإنه الحق الذي تعبدتم به وما كان مذكورا في الكتاب والسنة مما يخالف قياسكم هذا أو يثبت ما لم تدركه عقولكم على طريقة أكثرهم فاعلموا أنني امتحنتكم بتنزيله لا لتأخذوا الهدي منه لكن لتجتهدوا في تخريجه على شواذ اللغة ووحشي الألفاظ وغرائب الكلام أو تسكتوا عنه مفوضين علمه إلى هذا حقيقة الأمر على رأي المتكلمين هذا ما قاله. وهو الموضح الذي صرح فيه وتخبطه الشيطان من المس.
فتقول له: ما تقول فيما ورد من ذكر العيون بصفة الجمع وذكر الجنب وذكر الساق الواحد وذكر الأيدي؟ فإن أخذنا بظاهر هذا يلزمنا إثبات شخص له وجه واحد عليه عيون كثيرة وله جنب واحد عليه أيد كثيرة وله ساق واحد وأي شخص يكون في الدنيا أبشع من هذا وإن تصرفت في هذا بجمع وتفريق بالتأويل فلم. لا ذكره الله ورسوله وسلف الأمة وقوله تعالى في الكتاب العزيز (الله نور السماوات والأرض) فكل عالم يعلم إن النور الذي على الحيطان والسقوف وفي الطرق والحشوش ليس هو الله تعالى ولا قالت المجوس بذلك، فإن قلت بأنه هادي السماوات والأرض ومنورها فلم لا قاله الله تعالى ولا رسوله ولا سلف الأمة وورد قوله تعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وذلك يقتضي أن يكون الله داخل الرزمة فلم لا يبينه الله ولا رسوله ولا سلف الأمة وقال تعالى (واسجد واقترب) ومعلوم أن التقرب في الجهة ليس إلا بالمسافة فلم