هذا "، قال: فوثب الناس إليه وثبة واحدة، وأنزلوه من الكرسي وبادروا إليه ضربا باللكم والنعال وغير ذلك، حتى أوصلوه إلى بعض الحكام، واجتمع في ذلك المجلس العلماء فشرع يناظرهم.
ضحك العلماء منه لما طالبوه بالدليل على ما صدر منه وتحققهم جهله فقالوا: ما الدليل على ما صدر منك؟، قال قوله تعالى:
(الرحمن على العرش استوي)، فضحكوا منه وعرفوا أنه جاهل لا يجري على قواعد العلم ثم نقلوه ليتحققوا أمره فقالوا ما تقول في قوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله)، فأجاب بأجوبة تحققوا أنه من الجهلة على التحقيق، وأنه لا يدري ما يقول، وكان قد غره بنفسه ثناء العوام عليه وكذا الجامدون من الفقهاء العارون عن العلوم التي بها يجتمع شمل الأدلة على الوجه المرضي.
وقد رأيت في فتاويه ما يتعلق بمسألة الاستواء، وقد أطنب فيها وذكر أمورا كلها تلبيسات خارجة عن قواعد أهل الحق، والناظر فيها إذا لم يكن ذا علوم وفطنة وحسن روية ظن أنها على منوال مرضي، ومن جملة ذلك بعد تقريره وتطويله (إن الله معنا حقيقة وهو فوق العرش حقيقة) كما جمع الله بينهما في قوله تعالى: (هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير) فأخبر (أنه فوق العرش يعلم كل شئ وهو معنا أينما كنا)، هذه عبارته بحروفها، فتأمل أرشدك الله تعالى هذا التهافت وهذه الجرأة بالكذب على الله تعالى أنه سبحانه وتعالى أخبر عن نفسه أنه فوق العرش محتجا بلفظ الاستواء، وهذا وغيره مما هو كثير في كلامه يتحقق به جهله