ليست هي المعرفة وأن السماء والعرش لا معنى لهما إلا جهة العلو * وحكي عن عبد القادر الجيلي أنه قال: الله بجهة العلو مستو على عرشه فليت شعري لم احتج بكلامه وترك مثل جعفر الصادق والشبلي والجنيد وذي النون المصري وجعفر بن أبي نصير وأضرابهم رضي الله عنهم * وأما ما حكاه عن أبي عمر بن عبد البر فقد علم الخاص والعام مذهب الرجل ومخالفة الناس له ونكير المالكية عليه أولا وآخرا مشهور ومخالفته الإمام المغرب أبي الوليد الباجي معروفة حتى أن فضلاء المغرب يقولون: لم يكن أحد بالمغرب يرى هذه المقالة غيره وغير ابن أبي زيد غير أن العلماء منهم من قد اعتذر عن ابن أبي زيد بما هو موجود في كلام القاضي الأجل أبي محمد عبد الوهاب البغدادي المالكي رحمه الله ثم إنه قال: إن الله فوق في السماء على العرش من فوق سبع سماوات ولم يعقل ما معنى في السماء على العرش من فوق سبع سماوات ولم إن ابن عبد البر ما تأول هذا الكلام ولا قال بمقالة المدعي إن المراد بالعرش والسماء جهة العلو * ثم نقل عن البيهقي رحمه الله ما لا تعلق له بالمسألة وأعاد كلام من سبق ذكره ثم ذكر بعد ذلك شيخنا أبا الحسن علي بن إسماعيل الأشعري وأنه يقول الرحمن على العرش استوى ولا نتقدم بين يدي الله تعالى في القول بل نقول استوى بلا كيف * وهذا الذي نقله عن شيخنا هو نحلتنا وعقيدتنا لكن نقله لكلامه ما أراد به إلا قصد الايهام بأن الشيخ يقول بالجهة فإن كان كذلك فقد بالغ في البهت وكلام الشيخ في هذا أنه قال كان ولا مكان فخلق العرش والكرسي فلم يحتج إلى مكان وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه وكلامه وكلام أصحابه رحمهم الله يصعب حصره في إبطالها. ثم حكى ذلك عن القاضي أبي بكر وإمام الحرمين ثم تمسك برفع الأيدي إلى السماء.
وذلك إنما كان لأجل أن السماء منزل البركات والخيرات لأن الأنوار إنما تنزل منها والأمطار وإذا ألف الإنسان حصول الخيرات من جانب مال طبعه إليه فهذا المعنى الذي أوجب رفع الأيدي إلى السماء. وقال الله تعالى