الديار المصرية، وأنه عقد لهم مجلس بقلعة القاهرة بحضرة القضاة والفقهاء والعلماء والأمراء: فتكلم الشيخ شمس الدين عدنان الشافعي وادعى على ابن تيمية في أمر العقيدة، فذكر منها فصولا فشرع ابن تيمية، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وتكلم بما يقتضي الوعظ، فقيل له: يا شيخ إن الذي تقوله نحن نعرفه وما لنا حاجة إلى وعظك، وقد ادعى عليك بدعوى شرعية فأجب، فأراد أن يعيد التحميد فلم يمكنوه من ذلك بل قيل له أجب، فتوقف وكرر عليه القول مرارا، فلم يزدهم على ذلك شيئا وطال الأمر فعند ذلك حكم القاضي المالكي بحبسه وحبس أخويه معه فحبسوه في برج من أبراج القلعة، فتردد إليه جماعة من الأمراء فسمع القاضي بذلك، فاجتمع بالأمراء وقال: يجب عليه التضييق إذا لم يقتل وإلا فقد وجب قتله وثبت كفره فنقلوه إلى الجب بقلعة الجبل ونقلوا أخويه معه بإهانة.
إرجاع نجم الدين بن صصري خصم ابن تيمية إلى قضاء القضاة بالشام ومعه مرسوم السلطان بالتشديد العظيم على الحنابلة وفي سادس عشر ذي القعدة وصل من الديار المصرية قاضي القضاة نجم الدين بن صصري، وجلس يوم الجمعة في الشباك الكمالي، وحضر القبراء والمنشدون وأنشدت التهاني وكان وصل معه كتب ولم يعرضها على نائب السلطنة، فلما كان بعد أيام عرضها عليه، فرسم ملك الأمراء بقراءتها، والعمل بما فيها امتثالا للمراسيم السلطانية، وكانوا قد بيتوا على الحنابلة كلهم بأن يحضروا إلى مقصورة الخطابة بالجامع الأموي بعد الصلاة. وحضر القضاة كلهم بالمقصورة، وحضر معهم الأمير الكبير ركن الدين بيبرس العلائي، وأحضروا تقليد القضاء نجم الدين بن صصري الذي حضر معه من مصر باستمراره على قضاء القضاة