على ما خطر لك وما أمررت ولا أقررت ولا امتثلت ما نقلته عن الأئمة، وروى قول ربيعة ومالك الاستواء غير مجهول فليت شعري من قال إنه مجهول بل أنت زعمت أنه لمعنى عينته وأردت أن تعزوه إلى الإمامين ونحن لا نسمح لك بذلك ثم نقل عن مالك أنه قال للسائل الإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا فأمر به فأخرج فيقال له ليت شعري من امتثل منا قول مالك هل امتثلناه نحن حيث أمرنا بالإمساك وألجمنا العوام عن الخوض في ذلك أو الذي جعله دراسته يلقيه ويلفقه ويلقنه وبكتبه ويدرسه ويأمر العوام بالخوض فيه وهل أنكر على المستفتي في هذه المسألة بعينها وأخرجه كما فعل مالك رضي الله عنه فيها بعينها وعند ذلك يعلم أن ما قاله عن مالك حجة عليه لا له ثم نقل عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون أنه قال وقد سئل عما جحدت به الجهمية. أما بعد: فقد فهمت فيما سألت فيما تتابعت الجهمية. ومن خالفها في صفة الرب العظيم الذي فاقت عظمته الوصف والتقدير وكلت الألسن عن تفسير صفته وانحصرت العقول دون معرفة قدرته ردت عظمته العقول فلم تجد مساغا فرجعت خاسئة وهي حسيرة وإنما أمروا بالنظر والتفكر فيما خلق بالتقدير وإنما يقال كيف لمن لم يكن مرة ثم كان، فأما الذي لا يحول ولا يزول ولم يزل وليس له مثل فإنه لا يعلم كيف (1) هو إلا هو وكيف يعرف قدر من لم يبدأ ومن لا يموت ولا يبلى وكيف يكون لصفته لشئ منه حدا ومنتهى يعرفه عارف أو يحد قدره واصف على أنه الحق المبين لا حق أحق منه ولا شئ أبين منه.
والدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه فلا تكاد تراه صغيرا يحول ويزول ولا يرى له سمع ولا بصر بل ما يتقلب به ويحتال من عقله أعضل بك وأخفى عليك مما ظهر من سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين وخالقهم وسيد السادات وربهم، ثم نقل عنه الأحاديث الواردة في الصفات وذكر قوله (والأرض جميعا قبضته