فائدة في مسألة الطلاق وتبيان أن ابن تيمية ليس من المجتهدين روى مسلم في صحيحه في كتاب الطلاق عن عبد الله بن عباس أنه قال: " كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " لا يجوز العمل العمل بظاهره.
ثم الجواب عنه: إما أن يقال إنه ضعيف بالشذوذ كما حكم الإمام أحمد بن حنبل عليه وقد ذكر ذلك الحافظ ابن رجب الحنبلي في رده على من جعل الثلاث بلفظ واحد واحدا، وبمخالفته لما ثبت عن عبد الله ابن عباس أنه أفتى فيمن طلق بالثلاث دفعة واحدة بأنه ثلاث وقد تواتر ذلك عن ابن عباس، فقد ذكر البيهقي في السنن الكبرى بأسانيده عن ثمانية من ثقات تلاميذه أنه أفتى بذلك. وأما أن يقال إنه مؤول بأن معنى كان الطلاق طلاق الثلاث واحدا أن البتة كانت تستعمل للطلاق الواحد للتأكيد ثم صار الناس يستعملونها في أثناء خلافة عمر بقصد الثلاث فأجرى عليهم عمر الحكم على موجب قصدهم. وبيان ذلك أن قول الناس أنت طالق البتة كانت تستعمل في أول الأمر بنية تأكيد الطلقة الواحدة ثم اشتهرت للطلاق الثلاث لذلك اختلف فيها مذاهب الأئمة كان منهم من يجعل البتة للثلاث، وكذلك أنت حرام علي وأنت بائن ومنهم من يجعلها على حسب القصد ويدل لذلك أن في بعض نسخ مسلم عند المغاربة كانت البتة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدر من خلافة عمر واحدة كما ذكر ذلك الحافظ أبو بكر بن العربي في كتابه القبس على موطأ مالك بن أنس، وأما أن يعارض هذا الحديث بالإجماع المنعقد على أن الثلاث بلفظ واحد ثلاث، كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في آخر بحث له واسع في هذه المسألة أي مسألة جمع الثلاث في شرحه على البخاري