تعالى في جهة العلو. وقد قلت: وصرحت وبحثت وفهمت بأن ما ورد من أنه في السماء وفوق السماء وفي العرش وفوق العرش المراد به جهة العلو، فقل لنا: من قال هذا؟ هل قاله القه أو رسوله أو السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان؟ فلم تهول علينا بالأمور المغمضة وبالله المستعان.
ثم استدل على جواز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها بما صح أنه صلى الله عليه وسلم في خطبة عرفات جعل يقول: ألا هل بلغت؟ فيقولون:
نعم فيرفع إصبعه إلى السماء وينكثها إليهم ويقول: اللهم اشهد غير مرة، ومن أي دلالة يدل على هذا على جواز الإشارة إليه هل صدر منه صلى الله عليه وسلم إلا أنه رفع أصبعه ثم نكثها إليهم هل في ذلك دلالة على أن رفعه كان يشير به إلى جهة الله تعالى ولكن هذا من عظيم ما رسخ في ذهن هذا المدعي من حديث الجهة حتى أنه لو سمع مسألة من عويص الفرائض والوصايا وأحكام الحيض لقال هذه دالة على الجهة ثم أتى بالطامة الكبرى والداهية الدهياء، وقال: فإن كان الحق ما يقوله هؤلاء السابقون النافون من هذه العبارات ونحوها دون ما يفهم من الكتاب والسنة إما نصا أو ظاهرا كيف يجوز على الله تعالى ثم على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم على حبر الأمة أنهم يتكلمون دائما بما هو نص أو ظاهر في خلاف الحق ثم الحق الذي يجب اعتقاده لا يبوحون به قط ولا يدلون عليه لا نصا ولا ظاهرا حتى يجئ أنباء الفرس والروم وأفراخ اليهود يبينون للأمة العقيدة الصحيحة التي يجب على كل مؤلف أو فاضل أن يعتقدها لئن كان ما يقوله هؤلاء المتكلفون هو الاعتقاد الواجب وهم مع ذلك أحيلوا على مجرد عقولهم، وأن يدفعوا المقتضى قياس عقولهم ما دل عليه الكتاب والسنة نصا أو ظاهرا. لقد كان ترك الناس بلا كتاب ولا سنة أهدى لهم وأنفع على هذا التقدير بل كان وجود الكتاب والسنة ضررا محضا في أصول الدين، فإن حقيقة الأمر على ما يقوله هؤلاء أنكم يا معشر العباد