أي شئ بلاؤنا إلا ممن يدعي الحصر أو يوهمه، ثم قلت وقد قال الله تعالى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) أوما علمت أن التمكن والاستقرار حاصل في الجذع فإن تمكين المصلوب في الجذع كتمكين الكائن في الظرف وكذلك الحكم في قوله تعالى (قل سيروا في الأرض) وهذا الذي ذكرناه هو الجواب عن حديث الأوعال وحديث قبض الروح وحديث عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وحديث أمية بن أبي الصلت وما قال من قوله:
مجدوا الله فهو أهل لمجد * ربنا في السماء أمسى كبيرا فيقال للمدعي: إن كنت ترويه في السماء فقط ولا تتبعها أمسى كبيرا فربما يوهم ما تدعيه لكن لا يبقى شعرا ولا قافية، وإن كان قال ربنا في السماء أمسى كبيرا فقل مثل ما قال أمية وعند ذلك لا يدري هل هو كما قلت إن الله كبير في السماء. فإن قلت: وهو كبير في الأرض فلم خصت السماء؟ قلنا: التخصيص بما أشرنا إليه من أن تعظيم أهل السماوات أكثر من تعظيم أهل الأرض له فليس في الملائكة من ينحت حجرا ويعبده ولا فيهم دهري ولا معطل ولا مشبه، وخطاب أمية لكفار العرب الذين اتخذوا هبل ومنات واللات والعزى وغير ذلك من الأنداد وقد علمت العرب أن أهل السماء أعلم منهم حتى كانوا يتمسكون بحديث الكاهن الذي كان يتلقى من الجن الذي يسترق الكلمة من الملك فيضيف إليها مائة كذبة فكيف اعتقادهم في الملائكة فلذلك احتج عليهم أمية بالملائكة هذا ليس ببعيد ولا خلاف قطعي. ثم قال من المعلوم بالضرورة أن الرسول المبلغ عن الله: ألقى إلى أمته المذعنين إن الله تعالى على العرش وإنه فوق السماء، فنقول له هذا ليس بصحيح بالصريح بل ألقى إليهم إن الله استوى على العرش هذا الذي تواتر من تبليغ هذا الني صلى الله عليه وسلم وما ذكره المدعي من هذا الأخبار فأخبار آحاد لا يصدق عليها جمع كثرة ولا حجة له فيها وذلك واضح لمن سمع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ونزله