مخلوقات الله تعالى لا نسبة له إلا قدرة الله وعظمته وكيف يتوهم متوهم بعد هذا إن خلقا يحصره ويحويه وقد قال تعالى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) وقال تعالى (فسيروا في الأرض) بمعنى على ونحو ذلك وهذا كلام عربي حقيقة لا مجاز وهذا يعلمه من عرف حقائق معنى الحروف وأنها متواطئة في الغالب هذا آخر متمسك به فنقول: أولا ما معنى قولك إن مع في اللغة للمقارنة المطلقة من غير مماسة ولا محاذاة وما هي المقارنة فإن لم يفهم من المقارنة غير صفة لازمة للجسمية حصل المقصود وإن فهم غيره، فليتنبه حتى ينظر هل تفهم العرب من المقارنة ذلك أو لا. ثم قوله فإذا قيد بمعنى من المعاني دلت على المقارنة في ذلك المعنى فنقول له ومن نحا ذلك في ذلك قوله إنها في هذه المواضع كلها بمعنى العلم قلنا: من أين لك هذا؟ فإن قال من جهة قوله تعالى (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) الآية دل ذلك على المعية بالعلم وأنه على سبيل الحقيقة فنقول له قد كلت بالصاع الوافي فكل لنا بمثله. واعلم أن فوق كما يستعمل في العلو في الجهة كذلك يستعمل في العلو في المرتبة والسلطنة والملك وكذلك الاستواء فيكونان متواطئين كما ذكرته حرفا بحرف وقد قال الله تعالى (وهو القاهر فوق عباده) وقال تعالى (وفوق كل ذي علم عليم) وقال الله تعالى (يد الله فوق أيديهم) وقال تعالى حكاية عن قوم فرعون (وأنا فوقهم قاهرون) وقال تعالى (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) ومعلوم أنه ليس المراد جهة العلو فأعد البحث وقل فوق العرش بالاستيلاء وكذا في حديث الأوعال وما فعلته في مع فافعله في فوق وخرج هذا كما خرجت ذلك وإلا اترك الجميع.
ثم قوله ومن علم أن المعية تضاف إلى كل نوع من أنواع المخلوقات وأن الاستواء على الشئ ليس إلا العرش، قلنا: حتى نبصر لك رجلا استعملها يعلم ما تقوله من غير دليل فإنك إن لم تقم دلالة على