الذي أشار إليه وأتبعه بقوله تعالى: (تعرج الملائكة والروح إليه) والعروج والصعود شئ واحد ولا دلالة في الآية على أن العروج إلى سماء ولا عرش ولا شئ من الأشياء التي ادعاها بوجه من الوجوه لأن حقيقته المستعملة في لغة العرب في الانتقال في حق الأجسام إذ لا تعرف العرب إلا ذلك فليته أظهره واستراح من كتمانه وأردفه بقوله تعالى (يخافون ربهم من فوقهم) وتلك أيضا لا دلالة له فيها على سماء ولا عرش ولا أنه في شئ من ذلك حقيقة.
ثم الفوقية ترد لمعنيين: (أحدهما) نسبة جسم إلى جسم بأن يكون أحدهما أعلى والآخر أسفل بمعنى أن أسفل الأعلى من جانب رأس الأسفل وهذا لا يقول به من لا يجسم وبتقدير أن يكون هو المراد وأنه تعالى ليس بجسم فلم لا يجوز أن يكون من فوقهم صلة ليخافون ويكون تقدير الكلام يخافون من فوقهم ربهم أي أن الخوف من جهة العلو وأن العذاب يأتي من تلك الجهة.
وثانيهما: بمعنى المرتبة كما يقال الخليفة فوق السلطان والسلطان فوق الأمير وكما يقال جلس فلان فوق فلان والعلم فوق العمل والصباغة فوق الدباغة وقد وقع ذلك في قوله تعالى حيث قال (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) ولم يطلع أحدهم على أكتاف الآخر ومن ذلك قوله تعالى (وإنا فوقهم قاهرون) وما ركبت القبط أكتاف بني إسرائيل ولا ظهورهم. وأردف ذلك بقوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) وورد هذا في كتاب الله في ستة مواضع من كتابه وهي عمدة المشبهة وأقوى معتمدهم حتى أنهم كتبوها على باب جامع همذان فلنصرف العناية إلى إيضاحها.
(فنقول): إما أنهم يعزلون العقل بكل وجه وسبب ولا يلتفتون إلى ما يسمى فهما وإدراكا فمرحبا بفعلهم وتقول الرحمن على العرش استوى وإن تعدوا هذا وقالوا هذا يدل إنه مستو على العرش فلا حبا ولا