بجرباء ولا غبراء، فإن المراد أن المخلوقات تقدسه وتعرفه بالتنزيه فلا شك أن أهل السماء مطبقون على تنزيهه تعالى كما أنه لا شك أن في أهل الأرض من لم ينزه وجعل له ندا ووصفه بما لا يليق بجلاله فيكون تخصيص السماء بذكر التقديس فيها لانفراد أهلها بالإطباق على التنزيه.
كما أنه سبحانه لما انفرد في الملك في يوم الدين عمن يتوهم ملكه خصصه بقوله تعالى (ملك يوم الدين) وكما قال سبحانه وتعالى بعد زمان من ادعى الملك والملك لمن الملك اليوم لله الواحد القهار وأعاد هذا المدعي على الحديث من أوله ووصل إلى أن قال فليقل ربنا الذي في السماء، قال وذكره ووقف على قوله في السماء فليت شعري هل جوز أحد من العلماء أن يفعل مثل هذا وهل هذا إلا مجرد إيهام أن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وعليهم قال ربنا الله الذي في السماء.
وأما حديث الأوعال وما فيه من قوله والعرش فوق ذلك كله والله فوق ذلك كله فهذا الحديث قد كثر منهم إيهام العوام أنهم يقولون به ويروجون به زخارفهم ولا يتركون دعوى من دعواتهم عاطلة من التحلي بهذا الحديث ونحن نبين أنهم لم يقولوا بحرف واحد منه ولا استقر لهم قدم بأن الله تعالى فوق العرش حقيقة بل نقضوا ذلك وإيضاح ذلك بتقديم ما أخر هذا المدعي، قال في آخر كلامه: ولا يظن الظان أن هذا يخالف ظاهر قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الله قبل وجهه ونحو ذلك قال فإن هذا غلط ظاهر وذلك أن الله تعالى معنا حقيقة فوق العرش حقيقة قال كما جمع الله بينهما في قوله: (هو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير) قال هذا المدعي بملء ماضغيه من غير تكتم ولا تلعثم فقد أخبر الله تعالى أنه فوق العرش ويعلم كل! شئ وهو معنا أينما كنا كما قال صلى الله عليه وسلم في