السماء مقرهم والعندية لا تدل على أن الله في السماء لأنه يقال في الرسل الآدميين إنهم من عند الله وإن لم يكونوا نزلوا من السماء على أن العندية قد يراد بها الشرف والرتبة قال الله تعالى: (وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) وتستعمل في غير ذلك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حكاية عن ربه عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي وذكر عروج الملائكة وقد سبق، وربما شد فقار ظهره وقوى منه متنه بلفظة إلى ربهم وإن إلى لانتهاء الغاية وإنها في قطع المسافة وإذا سكت عن هذا لم يتكلم بكلام العرب فإن المسافة لا تفهم العرب منها إلا ما تنتقل فيه الأجسام وهو يقول إنهم لا يقولون بذلك وقد قال الخليل صلى الله عليه وسلم إني ذاهب إلى ربي وليس المراد بذلك الانتهاء الذي عناه المدعي بالاتفاق فلم يجتري على ذلك في كتاب الله تعالى ولا يجاب به في خبر الواحد.
وذكر قوله صلى الله عليه وسلم ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر من في السماء صباحا ومساء وليس المراد بمن هو الله تعالى ولا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا خصه به ومن أين للمدعي أنه ليس المراد بمن الملائكة فإنهم أكبر المخلوقات علما بالله تعالى وأشدهم اطلاعا على القرب وهم يعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمين وهو عندهم في هذه الرتبة فليعلم المدعي أنه ليسن في الحديث ما ينفي هذا ولا يثبت ما ادعاه، ثم ذكر حديث الرقية ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك أمرك في السماء والأرض كما رزقك في السماء الحديث وهذا الحديث بتقدير ثبوته فالذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فيه ربنا الذي في السماء تقدس اسمك ما سكت النبي صلى الله عليه وسلم على في السماء فلأي معنى نقف نحن عليه ونجعل تقدس اسمك كلاما مستأنفا هل فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أو أمر به، وعند ذلك لا يجد المدعي مخلصا إلا أن يقول الله تقدس اسمه في السماء والأرض فلم خصصت السماء بالذكر؟
فنقول له: ما معنى تقدس إن كان المراد به التنزيه من حيث هو تنزيه فلذلك ليس في سماء ولا أرض إذ التنزيه نفي النقائص وذلك لا تعلق له