كرامة فإن الله تعالى ما قاله مع أن علماء البيان كالمتفقين على أن في . اسم الفاعل من الثبوت ما لا يفهم من الفعل، وإن قالوا هذا يدل على أنه فوقه فقد تركوا ما التزموه وبالغوا في التناقض والتشهي والجرأة، وإن قالوا بل ننفي العقل ونفهم ما هو المراد فنقول لهم ما هو الاستواء في كلام لعرب فإن قالوا الجلوس والاستقرار، قلنا: هذا ما تعرفه العرب إلا في الجسم يقولوا يستوي جسم على العرش وإن قالوا جلوس واستقرار نسبته إلى ذات الله تعالى كنسبة الجلوس إلى الجسم فالعرب لا تعرف هذا حتى يكون هو الحقيقة ثم العرب تفهم استواء الفدح الذي هو ضد الاعوجاج فوصفوه بذلك وتبرؤوا معه من التجسيم وسدوا باب الحمل على غير الجلوس ولا يسدونه في قوله تعالى (وهو معكم أين ما كنتم) وقوله تعالى (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) ولا تقولوا معهم في العلم وإن قلتم ذلك فلم تحلونه عاما وتحرمونه عاما ومن أين لكم أن ليس الاستواء فعلا من أفعاله تعالى في العرش.
فإن قالوا: ليس هذا كلام العرب قلنا: ولا تعرف العرب استوى بالمعنى الذي تقولونه بلا جسم ولقد رام المدعي التفلت من شرك التجسيم بما زعمه من أن الله تعالى في جهة وأنه استوى على العرش استواء يليق بجلاله فنقول له قد صرت الآن إلى قولنا في الاستواء.
وأما الجهة فلا تليق بالجلال. وأخذ على المتكلمين قولهم إن الله تعالى لو كان في جهة فإما أن يكون أكبر أو أصغر أو مساويا وكل ذلك محال قال فلم يفهموا من قول الله تعالى على العرش إلا ما يثبتون لأي جسم كان على أي جسم كان قال وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم وأما استواء يليق بجلال الله فلا يلزمه شئ من اللوازم فنقول له أتميميا مرة وقيسيا أخرى إذا قلت استوى استواء يليق بجلال الله فهو مذهب المتكلمين وإذا قلت استواء هو استقرار واختصاص بجهة دون أخرى لم يجد ذلك تخلصا من الترديد المذكور والاستواء بمعنى الاستيلاء وأشهد لله في هذه الآية أنها لم ترد قط إلا في إظهار العظمة والقدرة والسلطان