البصري رضي الله عنه إذا تكلم في علم التوحيد أخرج غير أهله وكانوا رحمهم الله تعالى لا يتكلمون فيه إلا مع أهل السنة منهم إذ هي قاعدة أهل التحقيق وكانوا يضنون به على الأحداث، وقالوا: الأحداث هم المستقلون الأمور المبتدؤون في الطريق فلم يجربوا الأمور ولم يرسخ لهم فيها قدم وإن كانوا أبناء سبعين سنة، وقال سهل رضي الله عنه: لا تطلعوا الأحداث على الأسرار قبل تمكنهم من اعتقاد أن الإله واحد وأن الموجد فرد صمد منزه عن الكيفية والأينية لا تحيط به الأفكار ولا تكيفه الألباب. وهذا الفريق لا يكتفي من إيمان الناس إلا باعتقاد الجهة وكأنه لم يسمع الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله الحديث أفلا يكتفي بما اكتفى به نبيهم صلى الله عليه وسلم حتى أنه يأمر بالخوض في بحر لا ساحل له ويأمرهم بالتفتيش عما لم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتفتيش عنه ولا أحد من أصحابه رضي الله عنهم ولا تنازل واكتفى بما نقل عن إمامه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه حيث قال: لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث، ونعلم أن ما وصف الله به من ذلك فهو حق ليس فيه لغز ولا أحاج، بل معناه يعرف من حيث يعرف مقصود المتكلم بكلامه وهو مع ذلك ليس كمثله شئ في نفسه المقدسة المذكورة بأسمائه وصفاته ولا في أفعاله فكان ينبغي أن الله سبحانه له ذات حقيقية وأفعال حقيقية وكذلك له صفات حقيقية وهو ليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وكل ما أوجب نقصا أو حدوثا فإن الله عز وجل منزه عنه حقيقة فإنه سبحانه مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه وممتنع عليه الحدوث لامتناع العدم عليه واستلزام الحدوث سابقا لعدم وافتقار الحدث إلى المحدث وجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى هذا نص إمامه فهلا اكتفى به ولقد أتى إمامه في هذا الكلام بجوامع الكلم وساق أدلة المتكلمين على ما يدعيه
(١٦٤)