وظاهره أن ابن عمر لا يعلم في الحديث ذكر ميقات أهل العراق، ويعلل عدم ذكره فيه أن العراق لم تكن مفتوحة يومئذ. فكيف يتفق هذا القول منه مع ذكره ذلك في رواية شعبة عنه؟
قلت: ما دام أن الروايتين عن ابن عمر ثابتتان عنه، ومن رواية صدقة ابن يسار عنه، فالظاهر أن ابن عمر رضي الله عنه كان في أول الأمر لم يبلغه عن رسول الله (ص) الميقات المذكور، ولو من طريق غيره من الصحابة، فلما سئل عنه أجاب بقوله (لا عراق يومئذ). ثم بلغه من طريق بعض الصحابة أن النبي (ص) ذكره فكان هو بعد ذلك يذكره في الحديث ولا يقول فيه (سمعت رسول الله (ص)...) لأنه لم يسمعه بهذا التمام بدليل رواية ميمون بن مهران المتقدمة عنه. كما يظهر أيضا أن صدقة بن يسار سمع الحديث من ابن عمر على الوجهين فكان تارة يرويه على هذا الوجه، وتارة أخرى على الوجه الاخر. هذا ما بدا لي في الجمع بين الروايتين، والله أعلم.
وإن مما يحسن التنبيه عليه أن قوله في الحديث:
(ولأهل اليمن يلملم).
هو أيضا مما لم يسمعه ابن عمر من رسول الله (ص)، وإنما حدثه به بعض الصحابة كما في رواية ابنه سالم عن أبيه مرفوعا بلفظ:
(يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن. قال ابن عمر: وذكر لي - ولم أسمع - أن رسول الله (ص)، قال: ويهل أهل اليمن من يلملم).
أخرجه مسلم (4 / 6) وأحمد (2 / 9) وأبو نعيم في (المستخرج) (19 / 132 / 1) وغيرهم.
ثم أخرج أحمد (2 / 48 /، 5) والبخاري (1 / 47) ومسلم وأبو نعيم من طريق نافع عنه نحوه.
وجملة القول أنه قد ثبت ذكر ميقات العراق في حديث ابن عمر رضي الله