(قد أقمر عارضاك) أو ((فوداك) لكان حسنا مستقيما، وهو دون الأول في الحسن وذاك أنه قد علم أنهما كانا مظلمين فاستنارا.
والذي نقوله: إن قول أبي تمام:
* يضحكن من أسف الشباب المدبر * يحتمل أن يكون المراد به النساء اللواتي يرين بكاء عشاقهن وأسفهن على الشباب المدبر يهزأن بهم ويضحكن منهم، ومثل ذلك يرد في الشعر كثيرا.
فأما قوله:
* يبكين من ضحكات شيب مقمر * فالأولى أن يحمل على أن المراد به أنهن يبكين من طلوع الشيب في مفارقهن وضحكه في رؤوسهن، لأنا لو حملناه على شيب عشاقهن لكان الذي يبكين منه هو الذي يهزأن به، وهذا يتنافى. فكأنه وصفهن بأنهن يضحكن ويهزأن من شئ في غيرهن ويبكين منه بعينه إذا خصهن.
فأما حمل الضحك هاهنا على معنى البكاء وغاية الحزن، فهو مستبعد وإن كان جائزا. ويكون على هذا التأويل يضحكن ويبكين بمعنى واحد.
فأما عيبه لقوله (شيب مقمر) ففي غير موضعه، وليس يحتاج إلى أن يذكر الليل على ما ظنه. وكما يقال (أقمر ليل رأسك وأقمر عارضاك) على ما استشهد به كذلك يقال (أقمر شيبك) ولا يحتاج إلى ذكر الليل، وإنما المعنى أنه أضاء بعد الظلام وانتشر فيه البياض بعد السواد.
وليس هذا تتبع من يعرف الشعر حق معرفته، ولعمري أن هذا البيت خال من طبع وحلاوة، لكن ليس إلى الحد الذي ذكره الآمدي.