بيتا لكنها مملوءة إحسانا وتجويدا.
ووجدت في شعر أخي رضي الله عنه وأرضاه وكرم مثواه في الشيب شيئا كثيرا في غاية الجودة والبراعة، ورأيت أيضا بعد ذكر ما للطائيين ما ذكره كله لكثرة الاحسان فيه والغوص إلى لطيف المعاني، وقد أخرجت من ديوانه مائتين ونيفا وسبعين بيتا، من تأملها وجد الحسن فيه غزيرا والتجويد كثيرا.
وأنا أضم إلى ذلك وأختمه به ما أخرجه من ديوان شعري في هذا المعنى، فإنه ينيف على الثلاثمائة بيت إلى وقتنا هذا، وهو ذو الحجة من سنة تسع عشرة وأربعمائة، وربما امتد العمر ووقع نشاط مستقبل لنظم الشعر، فأنفق فيه من ذكر الشيب ما يزيد في عدد هذا المذكور المسطور.
فأما الاحسان والتجويد مع هذا الاكثار الذي قد زاد على المكثرين في أوصاف الشيب فمما يخرجه الاختبار ويبرزه الاعتبار، ويشهد بتقدم فيه أو تأخر ضم قول إلى نظيره ومعنى إلى عديله، واطراح التقليد والعصبية وتفضيل ما فضله السبك والنقد من غير احتشام لحق يصدع به وباطل يكشف عنه، ولا محاباة لمتقدم بالزمان على متأخر، فما المتقدم إلا من قدمه إحسانه لا زمانه وفضله لا أصله، وقد قلت في بعض ما نظمته:
* والسبق للإحسان لا الأزمان * وبانضمام ما أخرجته من هذه الدواوين الأربعة يجتمع لك محاسن القول في الشيب والتصرف في فنون أوصافه وضروب معانيه، حتى لا يشذ عنها في هذا الباب شئ يعبأ به.
هذا حكم المعاني، فأما بلاغة العبارة عنها وجلاؤها في المعاريض الواصلة إلى القلوب بلا حجاب والانتقال في المعنى الواحد من عبارة إلى غيرها مما يزيد عليها براعة وبلاغة أو يساويها أو يقاربها حتى يصير المعنى باختلاف العبارة عنه وتغير