بعد فان هذا الفئ، أفاء الله عليكم، الرفيع فيه والوضيع بمنزلة ليس أحد أحق به من أحد، إلا من كان من هذين الحيين: لحم وجذام فاني غير قاسم لهم شيئا، فقام رجل من لخم فقال: يا ابن الخطاب أنشدك الله في العدل والسوية، فقال: إنما يريد ابن الخطاب العدل والتسوية، والله إني لاعلم لو كانت الهجرة بصنعاء ما خرج إليها من لخم وجذام إلا القليل فلا أجعل من تكلف السفر وابتاع الظهر بمنزلة قوم إنما قاتلوا في ديارهم فقام أبو حدير حينئذ فقال: يا أمير المؤمنين إن كان الله ساق إلينا الهجرة في ديارنا فنصرناها وصدقناها أذاك الذي يذهب حقنا في الاسلام؟
فقال عمر: والله لأقسمن لكم ثلاث مرات، ثم قسم بين الناس، فأصاب كل رجل منهم نصف دينار، وإذا كانت معه امرأته أعطاه دينارا، وإذا كان وحده أعطاه نصف دينار، ثم دعا ابن قاطورا صاحب الأرض، فقال: أخبرني ما يكفي الرجل من القوت في الشهر واليوم؟ فاتى بالمدي والقسط (1) فقال يكفيه هذا المديان في الشهر وقسط زيت وقسط خل فأمر عمر بمدين من قمح فطحنا ثم عجنا ثم أدمهما بقسطين زيتا، ثم أجلس عليهما ثلاثين رجلا، فكان كفاف شبعهم، ثم أخذ عمر المدي