وعنى بقوله: (في التهذيب) قول المفيد المحكي فيه (1) ولا تنافي عندي بين الرجوع إلى العادة والفتوى بالعشرة، فإنهم إنما يفتون بأنها أكثره لا بكونها كلها نفاسا إذا تعداها الدم وإن كانت ذات عادة، فلم ينص عليه فيما أعلم غير المحقق (2).
ويحتمل قريبا أنهم فهموا من تلك الأخبار مجموع الأمرين: أعني الرجوع إلى العادة وكون الأكثر عشرة، ولم يصرحوا بالأول هنا، بل اكتفوا بتشبيه النفساء بالحائض في الأحكام غير ما استثنوه، وبحكمهم برجوع المستحاضة إلى عادتها.
وما ادعاه من تصريح ما ذكره من الخبر (بأن أيامها أيام عادتها) ممنوع، إذ لا معنى لاستظهارها إلى عشرة إلا أنها تستكشف حالها بعد أيام العادة إلى عشرة، وهو كما يحتمل خروج ما بعدها عن النفاس مع التعدي يحتمل الدخول عندي احتمالا متساويا. ولا جهة لاستدراكه بنفي الشيخ الخلاف في كون العشرة نفاسا، فإنه في مقام الاحتجاج على أقوال العامة (3) من كون أكثره أربعين أو خمسين، أو ستين، أو سبعين.
ثم المصنف في المنتهى ذكر استظهارها بعد العادة بيوم أو يومين، وغلط المحقق في صبرها عشرة، وفرع على ذلك فروعا: أولها: إنها لا ترجع مع تعدي دمها العشرة إلى عادتها في النفاس، وذكر ما قدمناه من خبر الخثعمي، ودفعه بأنه لم يعمل به أحد من الأصحاب، لتضمنه استمرار النفاس إلى أربعين أو خمسين. ثم قال: الثاني: هل ترجع إلى عادتها أو عادة أمها أو أختها في النفاس؟ لا نعرف فتوى لأحد ممن تقدمنا في ذلك، وقد روى الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: النفساء إذا ابتليت بأيام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك واستظهرت بمثل ثلثي أيامها ثم تغتسل وتحتشي وتصنع كما تصنع المستحاضة، وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيام أمها