قال: " ومع ذلك فإنه يفضي إلى تزين بلادك بعمارتها، وإلى أنك تبجح بين الولاة بإفاضة العدل في رعيتك معتمدا فضل قوتهم "، و " معتمدا "، منصوب على الحال من الضمير في " خففت " الأولى، أي خففت عنهم معتمدا بالتخفيف فضل قوتهم.
والإجمام: الترفيه. ثم قال له:
وربما احتجت فيما بعد إلى تكلفهم بحادث يحدث عندك المساعدة بمال يقسطونه عليهم قرضا أو معونة محضة، فإذا كانت لهم ثروة نهضوا بمثل ذلك، طيبة قلوبهم (1) به.
ثم قال عليه السلام: فإن العمران محتمل ما حملته.
سمعت أبا محمد بن خليد - وكان صاحب ديوان الخراج في أيام الناصر لدين الله - يقول لمن قال له: قد قيل عنك: إن واسط والبصرة قد خربت لشدة العنف بأهلها في تحصيل الأموال! فقال أبو محمد: ما دام هذا الشط بحاله، والنخل نابتا في منابته بحاله، ما تخرب واسط والبصرة أبدا.
ثم قال عليه السلام: إنما تؤتى الأرض "، أي إنما تدهى من إعواز أهلها أي من فقرهم.
قال: والموجب لإعوازهم طمع ولاتهم في الجباية وجمع الأموال لأنفسهم ولسلطانهم وسوء ظنهم بالبقاء يحتمل أن يريد به أنهم يظنون طول البقاء وينسون الموت والزوال.
ويحتمل أن يريد به أنهم يتخيلون العزل والصرف، فينتهزون الفرص، ويقتطعون الأموال ولا ينظرون في عمارة البلاد.
* * * .