قوله: " والصق بأهل الورع "، كلمة فصيحة، يقول: اجعلهم خاصتك وخلصاءك.
قال: ثم رضهم على ألا يطروك، أي عودهم ألا يمدحوك في وجهك. ولا يبجحوك بباطل: لا يجعلوك ممن يبجح أي يفخر بباطل لم يفعله كما يبجح أصحاب الامراء الامراء بان يقولوا لهم: ما رأينا أعدل منكم ولا أسمح، ولا حمى هذا الثغر أمير أشد بأسا منكم!
ونحو ذلك وقد جاء في الخبر: " أحثوا في وجوه المداحين التراب ".
. وقال عبد الملك لمن قام يساره ما تريد! أتريد أن تمدحني وتصفني، أنا أعلم بنفسي منك.
وقام خالد بن عبد الله القسري إلى عمر بن عبد العزيز يوم بيعته فقال: يا أمير المؤمنين، من كانت الخلافة زائنته فقد زينتها، ومن كانت شرفته فقد شرفتها، فإنك لكما قال القائل:
وإذا الدر زان حسن وجوه * كان للدر حسن وجهك زينا.
فقال عمر بن عبد العزيز: لقد أعطى صاحبكم هذا مقولا، وحرم معقولا. وأمره أن يجلس.
ولما عقد معاوية البيعة لابنه يزيد قام الناس يخطبون، فقال معاوية لعمرو بن سعيد الأشدق: قم فاخطب يا أبا أمية فقام فقال: أما بعد، فإن يزيد ابن أمير المؤمنين أمل تأملونه، وأجل تأمنونه، إن افتقرتم إلى حلمه وسعكم وإن احتجتم إلى رأيه أرشدكم، وان اجتديتم ذات يده أغناكم وشملكم، جذع قارح، سوبق فسبق، وموجد فمجد،