لأبيك فحملت بك، فبئس الحامل وبئس المحمول! ثم نشأت فكنت جبارا عنيدا. وتزعم أنى من الظالمين لأني حرمتك وأهل بيتك فئ الله الذي هو حق القرابة والمساكين والأرامل! وإن أظلم منى وأترك لعهد الله من استعملك صبيا سفيها على جند المسلمين تحكم فيهم برأيك، ولم يكن له في ذاك نية إلا حب الوالد ولده، فويل لك وويل لأبيك! ما أكثر خصماء كما يوم القيامة! وإن أظلم منى وأترك لعهد الله من استعمل الحجاج بن يوسف على خمسي العرب، يسفك الدم الحرام، ويأخذ المال الحرام. وإن أظلم منى وأترك لعهد الله من استعمل قرة بن شريك، أعرابيا جافيا على مصر، وأذن له في المعازف والخمر والشرب واللهو. وإن أظلم منى وأترك لعهد الله من استعمل عثمان بن حيان على الحجاز، فينشد الاشعار على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ومن جعل للعالية البربرية سهما في الخمس، فرويدا يا بن نباتة، ولو التقت حلقتا البطان (1) ورد الفئ إلى أهله، لتفرغت لك ولأهل بيتك فوضعتكم على المحجة البيضاء، فطالما تركتم الحق، وأخذتم في بنيات الطريق! ومن وراء هذا من الفضل ما أرجو أن أعمله، بيع رقبتك، وقسم ثمنك بين الأرامل واليتامى والمساكين، فإن لكل فيك حقا، والسلام علينا، ولا ينال سلام الله الظالمين.
وروى الأوزاعي قال: لما قطع عمر بن عبد العزيز عن أهل بيته ما كان من قبله يجرونه عليهم من أرزاق الخاصة، فتكلم في ذلك عنبسة بن سعيد، فقال: يا أمير المؤمنين، إن لنا قرابة فقال: مالي إن يتسع لكم، وأما هذا المال فحقكم فيه كحق رجل بأقصى برك الغماد (2)، ولا يمنعه من أخذه إلا بعد مكانه. والله إني لأرى أن الأمور .