الناس على نهر مورود، فولى ذلك النهر بعده رجلان لم يستخصا أنفسهما وأهلهما منه بشئ ثم وليه ثالث فكرى منه ساقية، ثم لم تزل الناس يكرون منه السواقي حتى تركوه يابسا لا قطرة فيه، وأيم الله لئن أبقاني الله لأسكرن (1) تلك السواقي حتى أعيد النهر إلى مجراه الأول، قالت فلا يسبون إذا عندك! قال: ومن يسبهم! إنما يرفع الرجل مظلمته فأردها عليه.
وروى عبد الله بن محمد التيمي، قال: كان بنو أمية ينزلون عاتكة بنت مروان بن الحكم على أبواب قصورهم، وكانت جليلة الموضع عندهم، فلما ولى عمر قال: لا يلي إنزالها أحد غيري، فأدخلوها على دابتها إلى باب قبتها فأنزلها، ثم طبق لها وسادتين، إحداهما على الأخرى، ثم أنشأ يمازحها - ولم يكن من شأنه ولا من شأنها المزاح - فقال:
أما رأيت الحرس الذين على الباب؟ فقالت: بلى، وربما رأيتهم عند من هو خير منك!
فلما رأى الغضب لا يتحلل عنها ترك المزاح وسألها أن تذكر حاجتها، فقالت إن قرابتك يشكونك، ويزعمون أنك أخذت منهم خير غيرك، قال: ما منعتهم شيئا هو لهم، ولا أخذت منهم حقا يستحقونه قالت: إني أخاف أن يهيجوا عليك يوما عصيبا (2)، وقال:
كل يوم أخافه - دون يوم القيامة - فلا وقاني الله شره. ثم دعا بدينار ومجمرة وجلد فألقى الدينار في النار، وجعل ينفخ حتى أحمر، ثم تناوله بشئ فأخرجه فوضعه على الجلد، فنش وفتر، فقال: يا عمة، أما تأوين لابن أخيك، من مثل هذا فقامت فخرجت إلى بنى مروان فقالت: تزوجون في آل عمر بن الخطاب، فإذا نزعوا إلى الشبه (3) جزعتم!
اصبروا له.
وروى وهيب بن الورد، قال اجتمع بنو مروان على باب عمر بن عبد العزيز، فقالوا لولد له: قل لأبيك يأذن لنا، فإن لم يأذن فأبلغ إليه عنا رسالة، فلم يأذن لهم، وقال:
.