واستقلالا بمبارزة الأقران.
[و] لقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس الموت.
فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا، فلما رأى الله منا صدقا وصبرا أنزل بعدونا الكبت، وأنزل علينا النصر.
ولعمري لو كنا نأتي [مثل] الذي أتيتم (1) ما قام الدين و [لما] عز الإسلام.
وأيم الله لتحلبنها دما فاحفظوا ما أقول [لكم] (2).
فهذا بيانه رضي الله عنه وهذا جده واجتهاده بيض الله وجهه - وهذه علله واعتذاره، وهذا تحذيره وتحريضه، أترون بعده غاية؟ وهل بقي لأحد عليه حجة إلا وقد أزاحها، ولا شبهة إلا وقد كشفها.
أعلى الله في الأعلين درجته، فما شبهت محنته إلا بمحنة الأنبياء، يمتحن في بدء الإسلام عند القلة والوحدة بالبيات على الفراش - كما امتحن بالذبح إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام - لما دعاه النبي صلى الله عليه وآله حين تألبت عليه قريش وأوقدت له نيرانها، وانقطع رجاؤه من تجادلها، وأجمعوا على الايقاع به / 57 /.
فعندها دعا [النبي] بأوثق الناس عنده، وأبذلهم لنفسه دونه، وأصبرهم على شديدة عند أمره فقال له: يا علي إن قريشا قد تحالفت وتعاقدت أن يبيتوني الليلة، فامض إلى فراشي وتلفف ببردي ليروا أني لم أبرح فلا يجدون في طلبي.
فوالله ما تلكأ، ولقد أجاب سامعا مطيعا كما أجاب ذبيح الله أباه إبراهيم صابرا عند قوله: " يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ قال: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " [102 / الصافات: 37].