وقال الحافظ: في رواية أيوب عن نافع في التوحيد أي من البخاري قالوا نسخم وجوههما ونخزيهما. وفي رواية عبد الله بن عمر قالوا نسود وجوههما ونحممهما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما (ويجلدون) بصيغة المجهول. قال الطيبي أي لا نجد في التوراة حكم الرجم بل نجد أن نفضحهم ويجلدون وإنما أتى أحد الفعلين مجهولا والآخر معروفا ليشعر أن الفضيحة موكولة إليهم وإلى اجتهادهم إن شاؤوا سخموا وجه الزاني بالفحم أو عزروه، والجلد لم يكن كذلك، كذا في المرقاة (فقال عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام وكان من علماء يهود وكان قد أسلم (إن فيها) أي في التوراة (فأتوا بالتوراة) بصيغة الماضي أي قال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فأتوا بالتوراة (فنشروها) أي فتحوها وبسطوها (فجعل) أي وضع (أحدهم) هو عبد الله بن صوريا (يقرأ ما قبلها) أي ما قبل آية الرجم (فقالوا) أي اليهود (صدق) أي عبد الله بن سلام (فأمر بهما) أي برجمهما (فرأيت الرجل يحني) بفتح التحتية وسكون الحاء المهملة وكسر النون بعدها تحتية أي يعطف عليها والرؤية بصرية فيكون يحني في موضع الحال (يقيها الحجارة) قال القسطلاني: يحتمل أن تكون الجملة بدلا من يحني أو حالا أخرى وال في الحجارة للعهد أي حجارة الرمي انتهى.
وقال الحافظ: تفسير لقوله، يحني ولابن ماجة من هذا الوجه يسترها، وفي بعض النسخ يجنأ بجيم بدل الحاء المهملة وفتح النون بعدها همزة وكذلك في بعض نسخ البخاري. قال ابن دقيق العيد أنه الراجح في الرواية أي أكب عليها.
والحديث دليل على أن الإسلام ليس شرطا في الإحصان وإلا لم يرجم اليهوديين، وإليه ذهب الشافعي وأحمد. وقال المالكية ومعظم الحنفية شرط الإحصان الإسلام وأجابوا عن هذا الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم إنما رجمهما بحكم التوراة وليس هو من حكم الإسلام في شئ، وإنما هو من باب تنفيذ الحكم عليهم بما في كتابهم، فإن في التوراة الرجم على المحصن وغير المحصن وأجيب بأنه كيف يحكم عليهم بما لم يكن في شرعه مع قوله تعالى * (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله) *، وفي قولهم وإن في التوراة الرجم على من لم يحصن نظر، لما وقع بيان ما في التوراة من آية الرجم في رواية أبي هريرة ولفظه " المحصن والمحصنة إذا زنيا فقامت عليهما