الآدميين بأن أرسل ريحا وجنودا وهم أحزاب اجتمعوا يوم الخندق، ويحتمل أحزاب الكفار في جميع الدهر والمواطن (إلى ها هنا حفظته من مسدد) أي إلى هذا الموضع من الحديث حدثني مسدد وحده وحفظته منه، ومن بعد هذا الموضع إلى آخر الحديث قد حدثني سليمان ومسدد كلاهما (ثم اتفقا) أي سليمان ومسدد (ألا إن كل مأثرة) المأثرة هي ما يؤثر ويذكر من مكارم أهل الجاهلية ومفاخرهم (تحت قدمي) خبران أي باطل وساقط.
قال الخطابي: معناه إبطالها وإسقاطها (إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة البيت) بكسر السين وبالدال المهملة وهي خدمته والقيام بأمره أي فهما باقيان على ما كانا. قال الخطابي:
وكانت الحجابة في الجاهلية في بني عبد الدار والسقاية في بني هاشم فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار بنو شيبة يحجبون البيت وبنو العباس يسقون الحجيج (ثم قال ألا) بالتخفيف للتنبيه (شبه العمد) بدل من الخطأ (ما كان بالسوط والعصا) بدل من البدل (مائة) خبر (في بطونها أولادها) يعني الحوامل. قال الخطابي: في الحديث إثبات قتل شبه العمد، وقد زعم بعض أهل العلم أن ليس القتل إلا العمد المحض أو الخطأ المحض، وفيه بيان أن دية شبه العمد مغلظة على العاقلة. واختلف الناس في دية شبه العمد فقال بظاهر الحديث عطاء والشافعي، وإليه ذهب محمد بن الحسن. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد وإسحاق هي أرباع. وقال أبو ثور دية شبه العمد أخماس. وقال مالك بن أنس: ليس في كتاب الله عز وجل إلا الخطأ والعمد وأما شبه العمد فلا نعرفه، ويشبه أن يكون الشافعي إنما جعل الدية في العمد أثلاثا بهذا الحديث، وذلك أنه ليس في العمد حديث مفسر أو الدية في العمد مغلظة وفي شبه العمد كذلك فحمل أحدهما على الآخر، وهذه الدية تلزم العاقلة عند الشافعي لما فيه من شبه الخطأ كدية الجنين انتهى.
قال المنذري: وأخرجه النسائي وابن ماجة وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير وساق اختلاف الرواة فيه، وأخرجه الدارقطني في سننه وساق أيضا اختلاف الرواة فيه.