والمكانة عند الله تعالى، مثال ذلك قول المقرب عند السلطان إني لا أعجز أن يوليني الملك كذا وكذا يعني به أن لي عنده مكانة وقربة يحصل بها كل ما أرجوه عنده، فالمعنى إني أرجو أن يكون لأمتي عند الله مكانة ومنزلة يمهلهم من زماني هذا إلى انتهاء خمس مائة سنة بحيث لا يكون أقل من ذلك إلى قيام الساعة انتهى.
والحديث على هذا محمول على قرب الساعة، وعلى هذا حمله أبو داود، ولذلك أورده في هذا الباب، وعلى هذا حمله صاحب المصابيح أيضا، ولذلك أورده في باب قرب الساعة واختاره الطيبي رحمه الله وزيف المعنى الأول، واختار الداودي المعنى الأول ورد على المعنى الثاني.
قال العلقمي في شرح الجامع الصغير: تمسك الطبري بهذا الحديث على أنه بقي من الدنيا بعد هجرة المصطفى نصف يوم وهو خمسمائة سنة، قال وتقوم الساعة ويعود الأمر إلى ما كان عليه قبل أن يكون شئ غير الباري ولم يبين وجهه، ورد عليه الداودي قال وقت الساعة لا يعلمه إلا الله، ويكفي في الرد عليه أن الأمر بخلاف قوله فقد مضت خمسمائة سنة وثلاثمائة، وحديث أبي داود ليس صريحا في أنها لا تؤخر أكثر من ذلك والله أعلم كما قال تعالى: * (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) * يعني من عددكم فإن هذا اليوم الذي هو كألف سنة بالنسبة إلى الكفار قليل وان مقداره عليهم خمسين ألف سنة وإنه ليخفف عن من اختاره الله تعالى حتى يصير كمقدار ركعتي الفجر المسنونة انتهى من شرح السنن لابن رسلان.
قال شيخنا قال السهيلي: ليس في هذا الحديث ما ينفي الزيادة على خمسمائة قال وقد جاء بيان ذلك في ما رواه جعفر بن عبد الواحد إن أحسنت أمتي فبقاؤها يوم من أيام الآخرة وذلك ألف سنة، وإن أساءت فنصف يوم. وقال الحافظ عماد الدين بن كثير في تاريخه في هذا التحديد بهذه الأمة لا ينفي ما يزيد عليها إن صح رفع الحديث، فأما ما يورده كثير من العامة أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤلف تحت الأرض فليس له أصل ولا ذكر في كتب الحديث. وقال الحافظ ابن حجر قد حمل بعض شراح المصابيح حديث لن يعجز الله هذه الأمة في نصف يوم على حال يوم القيامة وريفه الطيبي فأصاب. قال وأما زيادة جعفر فهي موضوعة لأنها لا تعرف إلا من جهته وهو مشهور بوضع الحديث، وقد كذبه الأئمة مع أنه لم يسق سنده بذلك فالعجب من السهيلي كيف سكت عنه مع معرفته بحاله انتهى كلام العلقمي.
قلت: قال الطيبي على ما ذكره القاري وقد وهم بعضهم ونزل الحديث على أمر القيامة وحمل اليوم على يوم المحشر، فهب أنه غفل عما حققناه ونبهنا عليه فهلا انتبه لمكان الحديث وأنه في أي باب من أبواب الكتاب، فإنه مكتوب في باب قرب الساعة فأين هو منه انتهى. قال