بينهم مشارا إليها عندهم في معنى المراد عن مائة سنة مثل أن المراد بها انقراض العالم بالكلية ونحوه، لأن بعضهم كان يقول إن الساعة تقوم عند انقضاء مائة سنة كما روى ذلك الطبراني وغيره من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه ورد عليه علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. وغرض ابن عمر رضي الله عنه أن الناس ما فهموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه المقالة وحملوها على محامل كلها باطل، وبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بذلك انخرام القرن عند انقضاء مائة سنة من مقالته تلك وهو القرن الذي كان هو فيه بأن تنقضي أهاليه ولا يبقى منهم أحد بعد مائة سنة، وليس مراده أن ينقرض العالم بالكلية، وكذلك وقع بالاستقراء فكان آخر من ضبط عمره ممن كان موجودا حينئذ أبو الطفيل عامر بن واثلة وقد أجمع أهل الحديث على أنه كان آخر الصحابة موتا، وغاية ما قيل فيه أنه بقي إلى سنة عشر ومائة، وهي رأس مائة سنة من مقالة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا إعلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أعمار أمته ليست تطول كأعمار قال من تقدم من الأمم السالفة ليجتهدوا في العمل انتهى (يريد) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله مائة سنة (أن ينخرم) أي ينقطع (ذلك القرن) الذي هو فيه فلا يبقى أحد ممن كان موجودا حال تلك المقالة.
قال في النهاية. القرن أهل زمن، وانخرامه ذهابه وانقضاؤه انتهى.
وقال العلامة العيني: والقرن بفتح القاف كل طبقة مقترنين في وقت ومنه قيل لأهل كل مدة أو طبقة بعث فيها نبي قرن.
قلت: السنون أو كثرت انتهى.
وأخرج مسلم من حديث جابر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر:
" تسألون عن الساعة، وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة " هذه رواية أبي الزبير عنه.
وفي رواية أبي نضرة عنه قال ذلك قبل موته بشهر أو نحو ذلك " ما من نفس " وزاد في آخره وهي حية يومئذ وأخرجه الترمذي من طريق أبي سفيان عن جابر نحو رواية أبي الزبير.
وأخرج مسلم من أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم ".
وأخرج الشيخان عن عائشة قالت كان رجال من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونه عن الساعة فكان ينظر إلى أصغرهم فيقول إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى تقوم عليكم ساعتكم أي قيامتكم وهي الساعة الصغرى والمراد موت جميعهم.
قال القاضي عياض: أراد بالساعة انقراض القرن الذين هم من عدادهم، ولذلك أضاف إليهم.