قال القرطبي: وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنهما دخانان. قال مجاهد كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول هما دخانان قد أمضى أحدهما، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض انتهى.
(وثلاث خسوف) قال ابن الملك: قد وجد الخسف في مواضع لكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدرا زائدا على ما وجد كأن يكون أعظم مكانا وقدرا (خسف) بالجر على أنه بدل مما قبله وبالرفع على تقدير أحدها أو منها (وآخر ذلك) أي آخر ما ذكر من الآيات (من قعر عدن) أي أقصى أرضها وهو غير منصرف وقيل منصرف باعتبار البقعة والموضع، ففي المشارق عدن مدينة مشهورة باليمن وفي القاموس عدن محركة جزيرة باليمن (تسوق) أي تطرد النار (إلى المحشر) بفتح الشين ويكسر أي إلى المجمع والمواقف، قيل المراد من المحشر أرض الشام إذ صح في الخبر أن الحشر يكون في أرض الشام لكن الظاهر أن المراد أن يكون مبتدؤه منها أو تجعل واسعة تسع خلق العالم فيها قاله القاري.
وقد قيل إن أول الآيات الدخان ثم خروج الدجال ثم نزول عيسى عليه السلام ثم خروج يأجوج ومأجوج ثم خروج الدابة ثم طلوع الشمس من مغربها فإن الكفار يسلمون في زمن عيسى عليه السلام حتى تكون الدعوة واحدة، ولو كانت الشمس طلعت من مغربها قبل خروج الدجال ونزوله لم يكن الإيمان مقبولا من الكفار، فالواو لمطلق الجمع فلا يرد أن نزوله قبل طلوعها ولا ما ورد أن طلوع الشمس أول الآيات.
وقال في فتح الودود: قيل أول الآيات الخسوفات ثم خروج الدجال ثم نزول عيسى عليه السلام ثم خروج يأجوج ومأجوج ثم الريح التي تقبض عندها أرواح أهل الإيمان، فعند ذلك تخرج الشمس من مغربها ثم تخرج دابة الأرض ثم يأتي الدخان. قال صاحب فتح الودود والأقرب في مثله التوقف والتفويض إلى عالمه انتهى. قلت: ذكر القرطبي في تذكرته مثل هذا الترتيب إلا أنه جعل الدجال مكان الدخان.
وذكر البيهقي عن الحاكم مثل ترتيب القرطبي وجعل خروج الدابة قبل طلوع الشمس من مغربها فالظاهر بل المتعين هو ما قال صاحب فتح الودود من أن الأقرب في مثله هو التوقف والتفويض إلى عالمه، وإني أسرد كلام القرطبي بعينه لتكميل الفائدة.
قال القرطبي في التذكرة في كشف أحوال الموتى وأمور الآخرة: باب العشر الآيات التي تكون قبل الساعة وبيان قوله تعالى: * (اقتربت الساعة وانشق القمر) * روي عن حذيفة أنه قال:
" كنا جلوسا بالمدينة في ظل حائط وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة فأشرف علينا فقال ما يجلسكم؟ فقلنا نتحدث قال فيماذا؟ فقلنا عن الساعة، فقال إنكم لا ترون الساعة حتى ترون