(في ذكرها) أي الفتن (حتى ذكر) النبي صلى الله عليه وسلم (فتنة الأحلاس) قال في النهاية: الأحلاس جمع حلس وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، شبهها به للزومها ودوامها. انتهى. وقال الخطابي: إنما أضيفت إلى الأحلاس لدوامها وطول فيه لبثها أو لسواد لونها وظلمتها (قال) النبي صلى الله عليه وسلم (هي) أي فتنة الأحلاس (هرب) بفتحتين، أي يفر بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة قاله القاري (وحرب) في النهاية الحرب بالتحريك نهب مال الإنسان وتركه لا شئ له انتهى.
وقال الخطابي: الحرب ذهاب المال والأهل (ثم فتنة السراء) قال القاري: والمراد بالسراء النعماء التي تسر الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء، وأضيفت إلى السراء لأن السبب في وقوعها ارتكاب المعاصي بسبب كثرة التنعم أو لأنها تسر العدو انتهى.
وفي النهاية: السراء البطحاء: وقال بعضهم هي التي تدخل الباطن وتزلزله ولا أدري ما وجهه انتهى (دخنها) يعني ظهورها وإثارتها شبهها بالدخان المرتفع، والدخن بالتحريك مصدر دخلت النار تدخن إذا ألقى عليها حطب رطب فكثر دخانها، وقيل أصل الدخن أن يكون في لون الدابة كدورة إلى سوداء قاله في النهاية وإنما قال (من تحت قدمي رجل من أهل بيتي) تنبيها على أنه هو الذي يسعى في إثارتها أو إلى أنه يملك أمرها (يزعم أنه مني) أي في الفعل وإن كان مني في النسب والحاصل أن تلك الفتنة بسببه وأنه باعث على إقامتها (وليس مني) أي من أخلائي أو من أهلي في الفعل لأنه لو كان من أهلي لم يهيج الفتنة ونظيره قوله تعالى: * (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) * أو ليس من أوليائي في الحقيقة، ويؤيده قوله: (وإنما أوليائي المتقون) قال الأردبيلي: فيه إعجاز وعلم للنبوة وفيه أن الاعتبار كل الاعتبار للمتقي وإن بعد عن الرسول في النسب، وأن لا اعتبار للفاسق والفتان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن قرب منه في النسب انتهى (ثم يصطلح الناس على رجل) أي يجتمعون على بيعة رجل (كورك) بفتح وكسر قاله القري (على ضلع) بكسر ففتح ويسكن واحد الضلوع أو الأضلاع قاله القاري.
قال الخطابي: هو مثل ومعناه الأمر الذي لا يثبت ولا يستقيم وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك. وبالجملة يريد أن هذا الرجل غير خليق للملك ولا مستقل به انتهى. وفي النهاية: أي يصطلحون على أمر واه لا نظام له ولا استقامة لأن الورك لا يستقيم على الضلع ولا يتركب عليه لاختلاف ما بينهما وبعده، والورك ما فوق الفخذ انتهى.